فإن أقروا بما ادعى عليهم فسرح بهم إليّ، و إن هم أنكروا فاسأله البينة، فإن لم يقمها فاستحلفهم بعد صلاة العصر باللّه الذي لا إله إلاّ هو ما استودعهم وديعة [1] ، و لا له قبلهم شيء، ثم خل سبيلهم» .
فقالوا لهشام: إنا نخاف أن يتعدى كتابك[و يطول علينا]. قال: كلا أنا باعث معكم رجلا من الحرس ليأخذه بذلك حتى يفرغ و يعجل. قالوا:
جزاك اللّه عن الرحم خيرا، لقد حكمت بالعدل.
فسرح بهم إلى يوسف، و هو يومئذ بالحيرة، فاجتنبوا أيوب بن سلمة لخؤولته من هشام و لم يؤخذ بشيء من ذلك [2] . فلما قدموا على يوسف دخلوا عليه فسلموا، فأجلس زيدا قريبا منه، و لا طفه في المسألة، ثم سألهم عن المال فأنكروا، فأخرجه يوسف إليهم، و قال: هذا زيد بن علي، و محمد بن عمر بن علي اللذان ادعيت قبلهما ما ادعيت قال: ما لي قبلهما قليل و لا كثير. قال له يوسف: أفبي كنت تهزأ و بأمير المؤمنين؟فعذبه عذابا ظن أنه قد قتله.
ثم أخرج زيدا و أصحابه بعد صلاة العصر إلى المسجد فاستحلفهم، فحلفوا، فكتب يوسف إلى هشام يعلمه ذلك، فكتب إليه هشام خل سبيلهم، فخلى سبيلهم.
فأقام زيد بعد خروجه من عند يوسف بالكوفة أياما، و جعل يوسف يستحثه بالخروج فيعتل عليه بالشغل و بأشياء يبتاعها، فألح عليه حتى خرج، فأتى القادسية.
ثم إن الشيعة لقوا زيدا [3] فقالوا له: أين تخرج عنا-رحمك اللّه-و معك مائة ألف سيف من أهل الكوفة و البصرة و خراسان يضربون بني أمية بها دونك، و ليس قبلنا من أهل الشام إلاّ عدة يسيرة. فأبى عليهم، فما زالوا يناشدونه حتى
[1] في الطبري «ما استودعهم يزيد بن خالد القسري وديعة» .
[2] في الطبري «فسرح بهم إلى يوسف، و احتبس أيوب بن سلمة لأن أم هشام بن عبد الملك ابنة هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي و هو في أخواله فلم يؤخذ بشيء من ذلك القرف فلما قدموا... » .