ثم قال ابن زياد لمسلم: قتلني اللّه إن لم أقتلك قتلة لم يقتلها أحد من الناس في الإسلام [1] .
قال: أما إنك أحق من أحدث في الإسلام ما ليس فيه، أما إنك لم تدع سوء القتلة، و قبح المثلة و خبث السيرة، و لؤم الغيلة لمن هو أحق به منك [2] .
ثم قال ابن زياد: اصعدوا به فوق القصر فأضربوا عنقه.
ثم قال: ادعوا الذي ضربه ابن عقيل على رأسه و عاتقه بالسيف فجاءه فقال: اصعد و كن أنت الذي تضرب عنقه، و هو بكير بن حمران الأحمري-لعنه اللّه-، فصعدوا به و هو يستغفر اللّه و يصلي على النبي (ص) ، و على أنبيائه و رسله و ملائكته-و هو يقول: اللهم احكم بيننا و بين قوم غرّونا، و كادونا و خذلونا.
ثم أشرفوا به على موضع الحذّائين فضرب عنقه، ثم أتبع رأسه جسده- صلّى اللّه عليه و رحمه- [3] .
و قال المدائني: عن أبي مخنف عن يوسف بن يزيد، قال: فقال عبد اللّه ابن الزّبير الأسدي [4] :
إذا كنت لا تدرين ما الموت فانظري # إلى هانئ في السوق و ابن عقيل
إلى بطل قد هشّم السيف وجهه # و آخر يهوي من طمار قتيل [5]
ترى جسدا قد غيّر الموت لونه # و نضح دم قد سال كلّ مسيل [6]
أصابهما أمر الأمير فأصبحا # أحاديث من يسعى بكل سبيل
[1] راجع ما دار بينهما من حوار قبل ذلك في الطبري 6/212-213.
[3] راجع الطبري 6/213، و كان قتله في يوم عرفة سنة 60 و صلب ابن زياد جثته.
[4] في الطبري 6/214 «و يقال قاله الفرزدق» و نسبه في اللسان 6/174 لسليم بن سلام الحنفي و الشعر في ابن الأثير 4/16 و مقتل الحسين 38 و الإرشاد 197 و تهذيب ابن عساكر 7/424 و ابن سعد 4/29.
[5] في اللسان 6/174 «يقال انصب عليهم فلان من طمار و هو المكان العالي» و فيه «قد عقر السيف وجهه» .