أبيه و هو جالس، فساره، فقال له ابن زياد: ما قال لك؟قال: أخبرني أن ابن عقيل في دار من دورنا، فنخسه ابن زياد بالقضيب في جنبه ثم قال: قم فأتني به الساعة.
قال أبو مخنف: فحدّثني قدامة بن سعد بن زائدة الثقفي [1] . أن ابن زياد بعث مع ابن الأشعث ستين أو سبعين رجلا كلهم من قيس، عليهم [عمرو بن] [2] عبيد اللّه بن العباس السلمي حتى أتوا الدار التي فيها ابن عقيل، فلما سمع وقع حوافر الخيل و أصوات الرجال، عرف أنه قد أتى؛ فخرج إليهم بسيفه، فاقتحموا عليه الدار، فشد عليهم كذلك [3] ، فلما رأوا ذلك أشرفوا عليه من فوق السطوح و ظهروا فوقه، فأخذوا يرمونه بالحجارة، و يلهبون النيران في أطنان القصب ثم يقذفونها عليه من فوق السطوح فلما رأى[ذلك] قال: أ كلما أرى من الإجلاب لقتل ابن عقيل؟يا نفس اخرجي إلى الموت الذي ليس منه محيص، فخرج-رضوان اللّه عليه-مصلتا سيفه إلى السكة، فقاتلهم، فأقبل عليه محمد بن الأشعث فقال: يا فتى، لك الأمان، لا تقتل نفسك. فأقبل يقاتلهم و هو يقول [4] :
أقسمت لا أقتل إلاّ حرّا # و إن رأيت الموت شيئا نكرا
أخاف أن أكذب أو أغرّا # أو يخلط البارد سخنا مرّا
ردّ شعاع الشمس فاستقرا [5] # كل امرئ يوما ملاق شرّا
قال له محمد بن الأشعث: إنك لا تكذب و لا تغر، إن القوم ليسوا بقاتليك و لا ضاربيك، و قد أثخن بالجراح و عجز عن القتال؛ فانبهر و أسند
[1] الطبري 6/210 و الإرشاد 193 و مقتل الحسين 33 و ابن الأثير 4/14.
[2] الزيادة من الطبري و فيه «و إنما كره أن يبعث معه قومه لأنه قد علم أن كل قوم يكرهون أن يصادف فيهم مثل ابن عقيل» .
[3] في الطبري «فشد عليهم يضربهم بسيفه حتى أخرجهم من الدار، ثم عادوا إليه فشد عليهم كذلك فاختلف هو و بكير بن حمران الأحمري ضربتين فضرب بكير فم مسلم فقطع شفته العليا و أشرع السيف في السفلى، و نصلت لها ثنيتاه، فضربه مسلم ضربة في رأسه منكرة و ثنى بأخرى على حبل العاتق كادت تطلع على جوفه، فلما رأوا ذلك أشرفوا» .
[4] الطبري 6/210 و ابن الأثير 4/11 و مقتل الحسين 35.