المنبر و معه أناس من أشراف الناس و شرطه و حشمه، فحمد اللّه و أثنى عليه، ثم قال:
أيها الناس: اعتصموا بطاعة اللّه و طاعة أئمتكم، و لا تفرّقوا فتختلفوا و تهلكوا و تذلّوا، و تخافوا و تخرجوا، فإن أخاك من صدقك، و قد أعذر من أنذر.
فذهب لينزل، فما نزل حتى دخلت النظارة المسجد من قبل التمارين يشتدون، و يقولون: قد جاء ابن عقيل، فدخل عبيد اللّه القصر و أغلق بابه.
و قال أبو مخنف: فحدّثني يوسف بن يزيد، عن عبد اللّه بن حازم البكري قال:
أنا و اللّه رسول ابن عقيل إلى القصر في أثر هانئ لأنظر ما صار إليه أمره، فدخلت فأخبرته الخبر، فأمرني أن أنادي في أصحابي، و قد ملأ الدور منهم حواليه، فقال: ناديا منصور أمت فخرجت فناديت، و تبادر أهل الكوفة فاجتمعوا إليه، فعقد لعبد الرحمن بن عزيز الكندي على ربيعة، و قال له: سر أمامي و قدّمه في الخيل [1] . و عقد لمسلم بن عوسجة على مذحج و أسد، و قال له: انزل فأنت على الرجالة. و عقد لأبي ثمامة الصائدي على تميم و حمدان.
و عقد للعباس بن جعدة الجدلي على أهل المدينة، ثم أقبل نحو القصر.
فلما بلغ عبيد اللّه إقباله تحرز في القصر، و غلّق الأبواب، و أقبل مسلم حتى أحاط بالقصر، فو اللّه ما لبثنا إلاّ قليلا حتى امتلأ المسجد من الناس، و السوق، ما زالوا يتوثبون حتى المساء، فضاق بعبيد اللّه أمره، و دعا بعبيد اللّه ابن كثير بن شهاب الحارثي، و أمره أن يخرج فيمن أطاعه من مذحج، فيخذل الناس عن ابن عقيل، و يخوفهم الحرب، و عقوبة السلطان، فأقبل أهل الكوفة يفترون على ابن زياد و أبيه.
قال أبو مخنف: فحدّثني سليمان بن أبي راشد، عن عبد اللّه بن حازم