responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دوله الاسلام في الاندلس نویسنده : عنان، محمد عبد الله    جلد : 1  صفحه : 49
فطارق يستهله بقوله: " أيها الناس، أين المفر؟ البحر من ورائكم، والعدو
أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر..
"، وفي ذلك ما يمكن أن يحمل
على أن الجيش الفاتح قد جرد من وسائل الارتداد والرجعة إلى الشاطئ الإفريقى،
أو بعبارة أخرى قد جرد من السفن التي حملته في عرض البحر إلى اسبانيا، ولكنا
رأينا أن هذا الخطاب لا يمكن الاعماد عليه من الوجهة التاريخية، كوثيقة بعيدة عن
شوائب الريب.
ولو صح أن طارقا ألقى في جنده مثل ذلك الخطاب، فقد نجد
تفسيراً لأقوال طارق في أن السفن كانت ملكاً للكونت يوليان، وفي أنها لم تكن
تحت تصرف الغزاة في جميع الأوقات.
ومع ذلك كله فإن رواية الشريف الإدريسى عن واقعة إحراق طارق للسفن
ليست من الأمور المستحيلة، وهى عمل بطولة يتفق مع بطولة فاتح الأندلس.
على أنها تبتى عرضة لكثير من الريب، فقد دونت لأول مرة في القرن الخامس
الهجرى.
أعنى بعد فتح الأندلس بأكثر من ثلاثة قرون، ولم تؤيدها أية
رواية إسلامية أخرى [1] .
وعلى أثر الموقعة الحاسمة التي غلب فيها الجيش القوطى ومزق، ساد الرعب
على القوط، فامتنعوا بالحصون والجبال، وقصدوا إلى الهضاب والسهول.
وذاعت
أنباء النصر في طنجة وسبتة وما جاورهما من أراضي العدوة، فعبر إلى الجيش
الفاتح سيل من المجاهدين والمغامرين من العرب والبربر.
وزحف طارق بحيشه
شمالا.
وكانت بقية الجيش القوطى قد اجتمعت عند إستجة لتحاول رد الجيش
الفاتح، فالتقى الجيشان هناك ثانية، وهزم القوط مرة أخرى، ولم يبق إلا أن
يستولى الفاتحون على المدن والقواعد الحصينة واحدة بعد الأخرى.
وكان يوليان وأصحابه إلى جانب المسلمين، يعاونهم بالنصح والإرشاد
كما قدمنا، ففى إستجة وضعت خطة السير، وتقرر أن يسير طارق بنفسه إلى
طليطلة عاصمة المملكة القوطية، وأرسل طارق مغيثاً الرومى مولى الوليد بن

[1] يقدم لنا التاريخ الحديث مثلا بديعا للفاتح الذي يحرق السفن التي عبر عليها جيشه
لكى يقطع على جيشه كل تفكير في الرجعة والارتداد، هو مثل المستكشف الإسباني هرناندو كورتيث
فاتح المكسيك.
فقد أمر هذا الفاتح الشهير، حينما أشرف على شواطىء المكسيك.
مستكشفا فاتحا فى
سنة 1519 م.
بإحراق سفينه التي قدم عليها جيشه من اسبانيا.
ومن الغريب أن يكون بطل هذا الحادث
إسبانيا، وهو ما يحملنا على الظن بأنه قد تأثر في عمله بالمثل الذي ينسب لطارق فاتح الأندلس.
نام کتاب : دوله الاسلام في الاندلس نویسنده : عنان، محمد عبد الله    جلد : 1  صفحه : 49
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست