responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 7  صفحه : 453
السلطان ابن الأحمر وكان سليمان بن داود شديد العداوة لابن الخطيب لما كان سليمان قد تابع السلطان ابن الأحمر على مشيخة الغزاة بالأندلس، حتى أعاده الله إلى ملكه. فلما استقرّ له سلطانه أجاز إليه سليمان سفيرا عن عمر بن عبد الله ومقتضيا عهده من السلطان. فصدّه ابن الخطيب عن ذلك بأنّ تلك الرئاسة إنّما هي لأعياص الملك من آل عبد الحق، لأنهم يعسوب زناتة. فرجع سليمان آيسا [1] وحقد ذلك لابن الخطيب. ثم جاور الأندلس بمحل إمارته من جبل الفتح، فكانت تقع بينه وبين ابن الخطيب مكاتبات ينفّس كل منهما لصاحبه بما يحفظه لما كمن في صدورهما. وحين بلغ الخبر بالقبض على ابن الخطيب إلى السلطان بعث كاتبه ووزيره بعد ابن الخطيب، وهو أبو عبد الله بن زمرك، فقدم على السلطان أبي العبّاس وأحضر ابن الخطيب بالشورى في مجلس الخاصّة وأهل الشورى، وعرض عليه بعض كلمات وقعت له في كتابه، فعظم عليه النكرير فيها، فوبّخ ونكل وامتحن بالعذاب بمشهد ذلك الملاثم تل إلى محبسه. واشتوروا في قتله بمقتضى تلك المقالات المسجّلة عليه، وأفتى بعض الفقهاء فيه ودسّ سليمان بن داود إليه لبعض الأوغاد من حاشيته بقتله، فطرقوا السجن ليلا ومعهم زعانفة جاءوا في لفيف الخدم مع سفراء السلطان ابن الأحمر، وقتلوه خنقا في محبسه، وأخرجوا شلوه من الغد فدفن في مقبرة باب المحروق، ثم أصبح من الغد على شأفة قبّره طريحا وقد جمعت له أعواد وأضرمت عليه نارا، فاحترق شعره واسودّ بشره، وأعيد إلى حفرته، وكان في ذلك انتهاء محنته وعجب الناس من هذه السفاهة التي جاء بها سليمان واعتدّوها من هناته، وعظم النكير فيها عليه وعلى قومه وأهل دولته، والله الفعال لما يريد وكان عفى الله عنه أيام امتحانه بالسجن يتوقع مصيبة الموت، فيتجيش هو أتقه بالشعر يبكي نفسه (ومما قال في ذلك) :
بعدنا وإن جاورتنا البيوت ... وجئنا بوعظ [2] ونحن صموت
وأنفاسنا سكنت دفعة ... كجهر الصلات تلاه القنوت

[1] وفي نسخة ثانية: يائسا.
[2] وفي نسخة ثانية: لوعد.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 7  صفحه : 453
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست