responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 39
السّامع كثيرا من أخبار الماضين ولا يتفطّن لما وقع من تغير الأحوال وانقلابها فيجريها لأوّل وهلة على ما عرف ويقيسها بما شهد وقد يكون الفرق بينهما كثيرا فيقع في مهواة من الغلط فمن هذا الباب ما ينقله المؤرّخون من أحوال الحجّاج وأنّ أباه كان من المعلّمين مع أنّ التّعليم لهذا العهد من جملة الصّنائع المعاشيّة البعيدة من اعتزاز أهل العصبيّة والمعلّم مستضعف مسكين منقطع الجذم [1] فيتشوّف الكثير من المستضعفين أهل الحرف والصّنائع المعاشيّة إلى نيل الرّتب الّتي ليسوا لها بأهل ويعدّونها من الممكنات لهم فتذهب بهم وساوس المطامع وربّما انقطع حبلها من أيديهم فسقطوا في مهواة الهلكة والتّلف ولا يعلمون استحالتها في حقّهم وأنّهم أهل حرف وصنائع للمعاش وأنّ التّعليم صدر الإسلام والدّولتين لم يكن كذلك ولم يكن العلم بالجملة صناعة إنّما كان نقلا لما سمع من الشّارع وتعليما لما جهل من الدّين على جهة البلاغ فكان أهل الأنساب والعصبيّة الّذين قاموا بالملّة هم الّذين يعلّمون كتاب الله وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم على معنى التّبليغ الخبريّ لا على وجه التّعليم الصّناعيّ إذ هو كتابهم المنزل على الرّسول منهم وبه هداياتهم والإسلام دينهم قاتلوا عليه وقتلوا واختصّوا به من بين الأمم وشرفوا فيحرصون على تبليغ ذلك وتفهيمه للأمّة لا تصدّهم عنه لائمة الكبر ولا يزعهم عاذل الأنفة ويشهد لذلك بعث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كبار أصحابه مع وفود العرب يعلّمونهم حدود الإسلام وما جاء به من شرائع الدّين بعث في ذلك من أصحابه العشرة فمن بعدهم فما استقرّ الإسلام ووشجت عروق الملّة حتّى تناولها الأمم البعيدة من أيدي أهلها واستحالت بمرور الأيّام أحوالها وكثر استنباط الأحكام الشّرعيّة من النّصوص لتعدّد الوقائع وتلاحقها فاحتاج ذلك لقانون يحفظه من الخطإ وصار العلم ملكة يحتاج إلى التّعلّم فأصبح من جملة الصّنائع والحرف كما يأتي ذكره في فصل العلم والتّعليم واشتغل أهل العصبيّة بالقيام

[1] الجذم: الأصل (قاموس) .
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست