نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 8 صفحه : 67
عشر رجلا و نزل عيسى بالحرف صبيحة اثنتي عشرة من رمضان من هذه السنة يوم السبت، فأقام يوم السبت و يوم الأحد و غداة الإثنين، حتى استولى على سلع، و شحن/ 32/ ب وجوه المدينة بالخيل، و أقبل على دابته يمشي و حوله نحو من خمسمائة و بين يديه راية، فوقف على الثنية ثم نادى: يا أهل المدينة، إن اللَّه قد حرّم دماء بعضنا [1] على بعض، فهلم إلى الأمان، فمن قام تحت رايتنا فهو آمن، و من دخل داره فهو آمن، و من دخل المسجد فهو آمن، و من ألقى سلاحه فهو آمن، و من خرج من المدينة فهو آمن، خلّوا بيننا و بين صاحبنا، فإما لنا و إما له.
فشتمه أهل المدينة، فانصرف يومه ذاك، و عاد من الغد، ففعل مثل ذلك فشتموه، فلما كان في اليوم الثالث أقبل بالخيل و الرجال و السلاح، و نادى بنفسه: يا محمد، إن أمير المؤمنين أمرني أن لا أقاتل حتى أعرض عليك الأمان، فلك الأمان على نفسك و أهلك و ولدك و أصحابك، و تعطى من المال كذا و كذا، و يقضى عنك دينك. فصاح محمد إله عن هذا، فو اللَّه لقد علمت إنه لا يثنيني عنكم فزع، و لا يقربني منكم طمع، و لحج القتال و ترجل، فقتل يومئذ نحوا من سبعين بيده، و كانت الهزيمة قد بلغت الخندق، فأرسل عيسى بأبواب بقدر الخندق، فعبروا عليها حتى كانوا من ورائه، ثم اقتتلوا أشد القتال من بكرة حتى العصر.
و في رواية: أمرهم عيسى فطرحوا حقائب الإبل في الخندق، و أمر ببابي دار سعد بن مسعود التي في الثنية، فطرحا على الخندق، فجازت الخيل، فالتقوا، فانصرف محمد قبل الظهر، فاغتسل و تحنّط، فقيل له: الحق بمكة. فقال: لو خرجت لقتل أهل المدينة، و اللّه لا أرجع حتى أقتل أو أقتل. فعرقب دابته، و عرقب أصحابه دوابهم، فلم يبق أحد إلا كسر غمد سيفه، فجاز رجل فضرب محمدا بالسيف دون شحمة أذنه اليمنى، فبرك لركبتيه، و تعاونوا عليه. و صاح حميد بن قحطبة: لا تقتلوه، فكفوا، فجاء حميد فاجتز رأسه، و كان مع محمد سيف، فأعطاه- قبل أن يقتل- رجلا من التجار له عليه دين أربعمائة دينار. فقال خذ هذا السيف، فإنك لا تلقى أحدا من آل أبي/ طالب إلا أخذه و أعطاك حقك، فكان السيف عنده حتى ولي جعفر بن سليمان 33/ أ المدينة، فأخبر عنه، فدعا الرجل و أخذ السيف منه و أعطاه أربعمائة دينار و قتل محمد