responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 8  صفحه : 53

فمن ذلك/ أنه قال [فيه‌] [1]: يا طالب العلم و الأدب اعرف الأصول و الفصول، 25/ أ فإن من الناس من يطلب الفصول مع إضاعة الأصول، فلا تكون دركهم دركا، و من أحرز الأصول اكتفى بها من الفصول، فإن أصاب الفصل بعد إحراز الأصل فهو أفضل، و أفضل الأمر أن تعقد على الإيمان، و تجتنب الكبائر، و تؤدي الفريضة، فإن قدرت أن تجاوز إلى الفقه و العبادة، فهو أفضل، و أصل الأمر في إصلاح البدن أن لا يحمل عليه من المآكل و المشارب و الباءة إلا خفّا، ثم إن قدرت أن تعلم عن جميع منافع الجسد و مضارة فهو أفضل. و أصل الأمر في المعيشة أن لا تني عن طلب الحلال، و تحسن التقدير لما تفيد و تنفق، و لا تغرنك سعة تكون فيها، فإن أعظم الناس خطرا أحوجهم إلى التقدير، و الملوك أحوج الناس إليه من السوقة، فإن السوقة قد يعيشون بغير مال، و الملوك لا قوام لهم إلا بالمال.

و إن ابتليت بالسلطان فتغوث بالعلماء، و اعلم أن قائل المدح كمادح نفسه، و الرّاد له ممدوح، و القائل له معيب، إنك إن تلتمس رضا الناس تلتمس ما لا يدرك، فعليك بالتماس رضا الأخيار ذوي العقول، احرص الحرص كله على أن تكون خابرا بأمور عمالك، فإن المسي‌ء يفرق من خبرتك قبل أن يصيبه وقعك، و إن المحسن يستبشر بعلمك قبل أن يأتيه معروفك، تعرف الناس فيما يعرفون من أخلاقك، إنك لا تعاجل بالثواب و لا بالعقاب، فإن ذلك أدوم لخوف الخائف و رجاء الراجي.

و اعلم أن رأيك لا يتسع لكل شي‌ء، فدعه للمهم، فإن مالك لا يغني الناس كلهم، فاخصص به أهل الحق، و كرامتك لا تطيق العامّة، فتوخ بها أهل الفضل.

و اعلم [2] إنما شغلت من رأيك في غير [3] المهم أزرى بك في المهم، ليس للملك أن يغضب، لأن القدرة من وراء حاجته، و لا/ أن يكذب، لأنه لا يقدر أحد على استكراهه 25/ ب على ما لا يريد، و لا أن يبخل، لأنه أول الناس عذرا في خوف الفقر، و لا أن يكون حقودا، لأن خطره قد جلّ عن المجازاة، و ليتفقد الوالي حاجة الأحرار فيسد بها طغيان السفلة فيقمعه [4] و ليتق حرم الكريم الجائع، و اللئيم الشبعان، فإنما يصول الكريم إذا


[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل و أثبتناه من ت.

[2] في الأصل: «و العلم» و ما أثبتناه من ت.

[3] في الأصل: «في رأي المهم» و ما أثبتناه من ت.

[4] في الأصل: «فليقمعه» و ما أثبتناه من ت.

نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 8  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست