نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 7 صفحه : 48
فلربما ظنّ الخير بغير أهله، قم فأنت الكاذب المائن، قال: فقمت و ما أبصر طريقا، فلما خلفت الستر لحقني لا حق من قبله فقال للحاجب: احبس هذا، ادخل يا أبا محمد.
قال: فدخل الحجاج فلبث مليا لا أشك أنهما في أمري، ثم خرج الإذن: قم يا أبا طلحة ادخل، فقمت فلما كشف لي الستر لقيني الحجاج و هو خارج و أنا داخل، فاعتنقني و قبل ما بين عيني ثم قال: إذا ما جزى اللَّه المتواخين [1] بفضل تواصلهم جزاك [2] اللَّه أفضل ما جزى أخا عن أخيه، فو اللَّه لئن سلمت لأرفعن ناطرك، و لأعلين كفك و لأتبعن الرجال غبار قدمك. قال: قلت: تهزأ بي. فلما وصلت إلى عبد الملك أدناني حتى أجلسني في مجلسي الأول ثم قال: يا ابن طلحة، لعل أحدا من الناس شاركك في نصيحتك، قلت: لا و اللَّه و لا أعلم أحدا كان أظهر عندي معروفا و لا أوضح يدا من الحجاج، و لو كنت محابيا أحدا بديني لكان هو، و لكني آثرت اللَّه عز و جل و رسوله صلى اللَّه عليه و سلّم و المسلمين و أنت عليه. قال: قد علمت أنك آثرت اللَّه، و لو أردت الدنيا كان لك في الحجاج كفاية، و قد أزحت الحجاج عن الحرمين [و أعلمته أنك استنزلتني له عنهما استصغارا لهما عنه] [3] و وليته العراقين لما هناك من الأمور التي لا يدحضها إلا مثله، و أعلمته أنك استدعيتني إلى التولية عليهما استزادة له ليلزمه من نصيحتك [4] ما يؤدي به عني إليك [الحق] [5]، و تصير معه إلى الّذي تستحقه، فاخرج معه فإنك غير ذام صحبته.