و عبد تجافى جنبه عن فراشه * * * يبيت يناجي ربه و هو راكع
فقال ابن الزبير:
و للخير أهل يعرفون بهداهم * * * إذا حجبتهم في الخطوب الجوامع
فقال مروان:
و للشر أهل يعرفون بشكلهم * * * تشير إليهم بالفجور الأصابع
فسكت ابن الزبير، فقالت عائشة: ما لك فما سمعت بمحاورة قط أحسن من هذه، و لكن لمروان إرث في الشعر ليس لك، فقال ابن الزبير لمروان: عرّضت، قال:
بل أنت أشد تعريضا، طلبت يدك فاعطيتني رجلك.
و كان قد تزوج [3] أم خالد بن يزيد بن معاوية، و كان مروان يطمعه في بعض الأمر، ثم بدا له فعقد لابنيه عبد الملك و عبد العزيز، فأراد أن يضع من خالد و يزهد الناس فيه، و كان إذا دخل عليه أجلسه معه على سريره، فدخل عليه يوما، فذهب ليجلس مجلسه، فزبره و قال: تنح يا ابن رطبة الاست، و اللَّه ما وجدت لك عقلا.
فانصرف خالد وقتئذ مغضبا حتى دخل على أمه، فقال: قد فضحتني و قصرت بي، و نكست برأسي. قالت: و ما ذاك؟ قال: تزوجت هذا الرجل فصنع كذا و كذا و أخبرها بما قال له، فقالت: لا يسمع هذا منك أحد، و لا يعلم مروان أنك أعلمتني بشيء من ذلك، و ادخل عليّ كما كنت تدخل، و اطو هذا الأمر فإنّي سأكفيك و أنتصر لك منه، فسكت خالد و دخل مروان على أم خالد فقال: ما قال لك خالد ما قلت له اليوم؟ فقالت: ما حدثني/ بشيء و لا قال لي فقال: أ لم يشكني إليك، و يذكر تقصيري به.