نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 6 صفحه : 219
إلى عبد اللَّه: جعلت فداك إن رأيت أن تأذن لي أذنة خفيفة لأشافهك بشيء فعلت، فأذن له، فلما دخل عليه قبل يده و قربه عبد اللَّه، ثم قص عليه القصة حتى إذا فرغ قال: و اللَّه وهبتها لك قبل أن أراها أو أضع يدي عليها فهي لك و مردودة عليك، و قد علم اللَّه تعالى أني ما رأيت لها وجها إلا عندك، و بعث إليها فجاءت، و جاء بما جهزها به موفرا.
فلما نظرت إلى عبد اللَّه خرت مغشية عليها، و أهوى إليها عبد اللَّه فضمها إليه، و خرج العراقي، و تصايح أهل الدار: عمارة عمارة. فجعل عبد اللَّه يقول و دموعه تجري: أحلم هذا، أحق هذا، أصدق هذا، فقال العراقي: ردها عليك إيثارك الوفاء، و صبرك على الحق و انقيادك له. فقال عبد اللَّه: الحمد للَّه، اللَّهمّ انك تعلم أني قد تصبرت عنها و أثرت الوفاء، و أسلمت لأمرك فرددتها على يمنك، فلك الحمد. ثم قال:
يا أخا العراق، ما على الأرض [1] أعظم منة منك، و سيجازيك اللَّه تعالى. و أقام العراقي أياما و باع عبد اللَّه غنما بثلاثة عشر ألف دينار، و قال لقهرمانه: احملها إليه، و قل له:
أعذر عبد اللَّه، و اعلم أني لو وصلتك بكل ما أملك لرأيتك أهلا لأكثر منه، فرحل العراقي محمودا.
أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك، و محمد بن ناصر، قالا: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار، قال: أخبرنا أبو محمد يحيى بن الحسن/ بن المقتدر القاضي، قال:
أخبرنا إسماعيل بن سعيد بن سويد، قال: حدثنا أبو بكر بن الأنباري، قال: حدثنا محمد بن أحمد المقري، قال: حدثنا عبد اللَّه بن عمر، قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي، عن أبيه، عن مشيخة له، قالوا:
لما أمسك عبد الملك بن مروان يده عن عبد اللَّه بن جعفر و احتاج و ضاق إضاقة شديدة، فكان يصلي في مسجد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم عشاء الآخرة، و يقيم في المسجد إلى أن لا يبقى فيه أحد، فدنا منه ذات ليلة رجل، فشكى إليه الحاجة، فقال له: أنا في إضاقة غير أن لك عليّ وعدا إذا جاءني شيء من غلتي أن أعطيك، قال: أنا مرهق لا أجد سبيلا إلى الصبر، قال: أ يقنعك أخذ ثوبي هذين- و كان عليه بردان يمانيان- قال: نعم، قال:
فما لبث حتى انصرف، فلما انصرف دفع إليه البرد ثم استقبل القبلة، فقال: اللَّهمّ إنه