نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 5 صفحه : 84
الدؤليّ، فقال: انطلقا إلى هذه المرأة فاعلما علمها و علم من معها. فخرجا فانتهيا إليها، فاستأذنا فأذن لهما، فقالا: إن أميرنا بعثنا إليك يسألك عن مسيرك، فهل أنت مخبرتنا؟ فقالت: و اللَّه ما مثلي يسير بالأمر المكتوم، إن الغوغاء من أهل الأمصار [و نزاع القبائل] [1] غزوا حرم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم و أحدثوا فيه الأحداث و آووا فيه [2] المحدثين، فاستحلوا الدم الحرام فسفكوه و انتهبوا، فخرجت في المسلمين أعلمهم ما أتى هؤلاء القوم و ما ينبغي لهم أن يأتوا في إصلاح هذا.
فخرجا من عندها فأتيا طلحة، فقالا: ما أقدمك؟ قال: الطلب بدم عثمان، قالا:
31/ ب أ لم تبايع/ عليا؟ قال: بلى، و اللّجّ على عنقي [3]، و ما أستقيل عليا إن هو لم يحل بيننا و بين قتلة عثمان، ثم أتيا الزبير فقالا له مثل ما قالا لطلحة، فقال مثل ذلك. فنادى عثمان بن حنيف في الناس و أمرهم بلبس السلاح، و قام رجل فقال للناس: يا أيها الناس، إن هؤلاء القوم إن كانوا جاءوا خائفين فقد جاءوا من المكان الّذي يأمن به الطير، و إن كانوا جاءوا يطلبون بدم عثمان فما نحن بقتلة عثمان. أطيعوني، و ردوهم. فقال الأسود بن سريع: إنما فزعوا إلينا ليستعينوا بنا على قتلة عثمان، فحصبه الناس.
فتكلم طلحة فدعا إلى الطلب بدم عثمان، فتحاصب الناس، فتكلمت عائشة و قالت: ينبغي أخذ قتلة عثمان، فتحاصب القوم.
و أقبل حكيم بن جبلة، فأنشب القتال، و أصحاب عائشة كافون إلا ما دافعوا عن أنفسهم، فغدا حكيم بن جبلة يبربر و في يده الرمح، فقال له رجل من عبد القيس: من الّذي تسب؟ قال: عائشة، قال: يا بن الخبيثة، أ لأم المؤمنين تقول هذا، فوضع حكيم السنان بين ثدييه فقتله. ثم اقتتلوا قتالا شديدا، و منادي عائشة يناشدهم و يدعوهم إلى الكف فيأبون، فقالت عائشة: لا تقتلوا إلا من قاتلكم، و نادوا: من لم يكن من قتلة عثمان فليكفف عنا، فإنا لا نريد إلا قتلة عثمان، فأنشب حكيم القتال، فاقتتلوا أشد قتال.
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، و أوردناه من الطبري.