نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 5 صفحه : 338
أصابوني لهوا عن طلب غيري. فقال أخوه العباس: لم نفعل ذلك لنبقى بعدك، لا أرانا اللَّه ذلك أبدا.
ثم تكلم إخوته و أولاده و بنو أخيه و بنو عبد اللَّه بن جعفر بنحو ذلك، فقال الحسين: يا بني عقيل، حسبكم من الفتك بمسلم [1]، اذهبوا فقد أذنت لكم. فقالوا:
لا و اللَّه، بل نفديك بأنفسنا و أهلينا، فقبح اللَّه العيش بعدك.
و قال مسلم بن عوسجة: و اللَّه لو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لرميتهم بالحجارة، و قال سعيد بن عبد اللَّه الحنفي: و اللَّه لا نخليك حتى يعلم اللَّه أننا قد حفظنا غيبة رسول اللَّه فيك، و اللَّه لو علمت أني أقتل، ثم أحيا، ثم أحرق حيا، ثم أذرى تسعين مرة ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك.
و تكلم جماعة [من] [2] أصحابه بنحو هذا، فلما أمسى الحسين جعل يصلح سيفه و يقول مرتجزا:
139
/ ب يا دهر أفّ لك من خليل * * * / كم لك بالإشراق و الأصيل
من صاحب أو طالب قتيل
فلما سمعه ابنه علي خنقته العبرة، فسمعته زينب بنت علي، فنهضت إليه و هي تقول: وا ثكلاه، ليت الموت أعدمني الحياة، اليوم ماتت فاطمة أمي، و علي أبي، يا خليفة الماضي، و ثمال الباقي. فقال لها الحسين: أخيّة، لا يذهب حلمك الشيطان.
و ترقرقت عيناه، فلطمت وجهها، و شقت جيبها، و خرّت مغشية عليها. فقام إليها الحسين عليه السلام فرشّ الماء على وجهها، و قال: يا أخيّة اعلمي أن أهل الأرض يموتون، و أهل السماء لا يبقون، ولي أسوة برسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم، و إني أقسم عليك يا أخيّة لا تشقي عليّ جيبا و لا تخمشي وجها.
و قام الحسين و أصحابه يصلون الليل كله، و يدعون، فلما صلّى عمرو بن سعد الغداة- و ذلك يوم عاشوراء- خرج فيمن معه من الناس، و عبّأ الحسين أصحابه، و كانوا