نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 5 صفحه : 270
أما أولها: فبطء إسلامي حتى سبقت في مواطن كلها صالحة، و نجوت يوم بدر و يوم أحد، فقلت: لا أخرج من مكة و لا أوضع مع قريش ما بقيت، فأقمت بمكة و يأبى اللَّه أن يشرح قلبي للإسلام و ذلك أني انظر إلى بقايا من قريش لهم أسنان متمسكين [1] بما هم عليه من أمر الجاهلية فأقتدي بهم، و يا ليت أني لم أقتد بهم، فما أهلكنا إلا اقتداؤنا بآبائنا [2] و كبرائنا، فلما غزا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم مكة جعلت أفكر، و أتاني أبو سفيان بن حرب، فقال: أبا خالد، و اللَّه إني لأخشى أن يأتينا محمد في جموع يثرب، فهل أنت تابعي إلى شرف نتروح الخبر؟ قلت: نعم. قال: فخرجنا نتحدث و نحن مشاة حتى إذا 109/ ب كنا بمر الظهران إذا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم في الدهم [3] من الناس، فلقي العباس/ بن عبد المطلب أبا سفيان، فذهب به إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم فرجعت إلى مكة فدخلت بيتي و آمن الناس، فجئته صلّى اللَّه عليه و سلّم بعد ذلك بالبطحاء و أسلمت و صدقته و شهدت أن ما جاء به حق، و خرجت معه إلى حنين. فأعطى رجالا من الغنائم و الأموال، و سألته حينئذ فألحقت المسلة.
قال محمد بن عمر: و حدثني معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، و عروة بن الزبير، قالا: حدّثنا حكيم بن حزام، قال: سألت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم لما كان بحنين مائة من الإبل فأعطانيها، ثم سألته مائة فأعطانيها، ثم قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم: «يا حكيم، إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، و من أخذه بإسراف نفس لم يبارك فيه، و كان كالذي يأكل و لا يشبع، فاليد العليا خير من اليد السفلى، و ابدأ بمن تعول».
فكان حكيم يقول: و الّذي بعثك بالحق لا أزرأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا، فكان أبو بكر الصديق يدعو حكيما ليعطيه فيأبى أن يقبل منه شيئا، و كان عمر يدعو حكيما إلى عطائه فيأبى أن يأخذه، فيقول: أيها الناس أشهدكم على حكيم أني أدعوه إلى عطائه فيأبى أن يأخذه، فلم يزرأ حكيم أحدا من الناس شيئا بعد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم حتى توفي.