و أصله من النمر بن قاسط، و كان أبوه أو عمه عاملا لكسرى على الأبلة، و كانت منازلهم بأرض الموصل، فأغارت الروم عليهم فسبت صهيبا و هو غلام صغير، فنشأ بالروم، فابتاعته كلب منهم، ثم قدمت به مكة، فاشتراه عبد اللَّه/ بن جدعان منهم، 63/ أ فأعتقه، فأقام معه بمكة إلى أن هلك عبد اللَّه بن جدعان. و بعث النبي صلّى اللَّه عليه و سلّم لما أراد اللَّه به من الكرامة، و منّ به عليه من الإسلام.
و أما أهل صهيب و ولده فيقولون: بل هرب من الروم حين بلغ، فقدم مكة فحالف عبد اللَّه بن جدعان فأقام معه إلى أن هلك.
و كان صهيب رجلا أحمر شديد الحمرة، ليس بالطويل و لا بالقصير، بل هو إلى القصر أقرب، و كان كثير شعر الرأس، و كان يخضب بالحناء، و لما أسلم عذب فصبر، و شهد بدرا و المشاهد كلها مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم.
و قال عمر رضي اللَّه عنه لأهل الشورى ليصلي بكم صهيب، فصلّى بهم المكتوبات، و قدموه فصلّى على عمر رضي اللَّه عنه.
أخبرنا محمد بن عبد الباقي، قال: أخبرنا الجوهري، قال: أخبرنا ابن حيويه، قال: أخبرنا ابن معروف، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم، قال: أخبرنا محمد بن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثنا عبد اللَّه بن أبي عبيدة، عن أبيه، قال:
لقيت صهيبا بن سنان على باب دار الأرقم و رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم فيها، فقلت: ما تريد؟
فقال: ما تريد أنت؟ فقلت: أردت أدخل على محمد فأسمع كلامه، قال: و أنا أريد ذلك، قال: فدخلنا عليه، فعرض علينا الإسلام فأسلمنا، ثم مكثنا يومنا ذلك حتى أمسينا، ثم خرجنا و نحن مستخفون. فكان إسلام عمار و صهيب بعد بضع و ثلاثين رجلا.