نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 5 صفحه : 118
فعذرته و رحمته رحمة شديدة ما رحمت أحدا مثلها قط.
قال علماء السير: فتناهدوا عند انسلاخ المحرم، و بات علي رضي اللَّه عنه عنه يعبي الكتائب، و يقول: لا تقاتلوهم إلا أن يبدءوكم، فإذا قاتلتموهم فهزمتموهم فلا تقتلوا مدبرا و لا تجهزوا على جريح، و لا تأخذوا شيئا من أموالهم.
و بعث على خيل أهل الكوفة الأشتر، و على خيل أهل البصرة سهل بن حنيف، و على رجالة أهل الكوفة عمار بن ياسر، و على رجالة أهل البصرة قيس بن سعد و هاشم بن عتبة مع ابنه.
46/ أ و بعث/ معاوية على ميمنته ابن ذي الكلاع الحميري، و على ميسرته حبيب بن مسلمة الفهري، و على مقدمته أبو الأعور السلمي، و كان على خيول الشام كلها عمرو بن العاص، و مسلمة بن عقبة على رجالة أهل دمشق، و الضحاك بن قيس على رجالة الناس كلهم. و بايع رجال من أهل الشام على الموت، فعقلوا أنفسهم بالعمائم و كانوا خمسة صفوف.
ثم اقتتلوا [1] فكانوا يتبارزون، التقوا جميعا في بعض الأيام، لا ينصرف بعضهم عن بعض إلا إلى الصلاة، و كثرت القتلى بينهم، ثم تحاجزوا عند الليل، ثم أصبحوا على القتال، و كان عليّ رضي اللَّه عنه يتقدم حتى أن النبل لتمر بين عاتقه و منكبه، و كان معاوية يقول: أردت أن أنهزم، فذكرت قول ابن الإطنابة، و الإطنابة امرأة من بلقين و هو:
أبت لي عفّتي و حياء نفسي * * * و إقدامي على البطل المشيح [ (2)
و إعطائي على المكروه مالي * * * و أخذي الحمد بالثّمن الرّبيح
و قولي كلّما جشأت و جاشت * * * مكانك تحمدي أو تستريحي
فيمنعني هذا القول من الفرار.
و كان عمار يقول: و اللَّه لو ضربونا حتى تبلغوا بنا سعفات هجر لعلمت أنا على الحق و هم على الباطل. و كان يصيح بعمرو بن العاص: يا عمرو، بعت دينك بمصر تبا