نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 4 صفحه : 250
و ذلك أن الناس أصابهم جدب و قحط و جوع شديد حتى جعلت الوحش تأوي إلى الإنس، و كانت الريح تسفي ترابا كالرماد، فسمي ذلك العام عام الرمادة، و كان الرجل يذبح الشاة فيعافها من قبحها، و إنه لمعسر. فآلى عمر ألا يذوق سمنا و لا لبنا و لا لحما حتى يحيى الناس، و إن غلاما لعمر اشترى عكة من سمن و رطبا من لبن بأربعين، ثم أتى بهما عمر، فقال عمر رضي اللَّه عنه: تصدق بهما فإنّي أكره أن آكل إسرافا، كيف يعنيني شأن الرعية إذا لم يمسسني ما مسهم
. و من الحوادث أن عمر رضي اللَّه عنه استسقى للناس
[أخبرنا محمد بن الحسين، و إسماعيل بن أحمد، قالا: أخبرنا ابن النقور، أخبرنا المخلص، حدّثنا أحمد بن عبد اللَّه، حدّثنا السري بن يحيى، حدّثنا سيف، عن سهل بن يوسف] [1]، عن عبد الرحمن بن كعب، قال [2]:
أقبل بلال بن الحارث المزني فاستأذن على عمر رضي اللَّه عنه، فقال: أنا رسول [رسول] [3] اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلم إليك،
يقول لك رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلم: «لقد عهدتك كيسا، و ما زلت على رجل، فما شأنك؟
فقال: متى رأيت هذا؟ فقال: البارحة، فخرج فنادى في الناس:
الصلاة جامعة، فصلى بهم ركعتين، ثم قام، فقال: أيها الناس، أنشدكم باللَّه هل تعلمون مني أمرا غيره خير منه؟ قالوا: اللَّهمّ لا، قال: فإن بلال بن الحارث يزعم ذيّة و ذيّة [4]، فقالوا: صدق بلال، فاستغثت اللَّه تعالى و المسلمون، فقال عمر: اللَّه أكبر، بلغ البلاء مدته فانكشف، ما أذن اللَّه لقوم في الطلب إلا و قد رفع عنهم البلاء، فكتب إلى أمراء الأمصار: أن أغيثوا أهل المدينة و من حولها، و أخرج الناس إلى الاستسقاء، فخرج و خرج معه بالعباس ماشيا، فخطب فأوجز، ثم صلى، ثم جثا لركبتيه، و قال:
اللَّهمّ إياك نعبد و إياك نستعين، اللَّهمّ اغفر لنا و ارحمنا و ارض عنّا، ثم انصرف، فما بلغوا المنزل راجعين حتى خاضوا الغدران.
[1] ما بين المعقوفتين: من أ، و في الأصل: «روى المؤلف بإسناده عن عبد الرحمن».