نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 55
حتى رضيت، ثم قلت: هل أتى الرحيل؟ [1] فارتحلنا و القوم يطلبوننا، فلم يدركنا أحد منهم إلا سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له. فقلت: يا رسول اللَّه، هذا الطلب/ قد بلغنا [2]. فقال:«لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا» حتى إذا دنا منا فكان بيننا و بينه قدر رمح أو رمحين- أو قال: رمحين أو ثلاثة- قلت: يا رسول اللَّه هذا الطلب قد بلغنا [3]. و بكيت.
قال: «لم تبكي؟» قلت: أما و اللَّه ما على نفسي أبكي، و لكن أبكي عليك. قال: فدعا عليه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم فقال: «اللَّهمّ أكفنا بما شئت» فساخت قوائم فرسه إلى بطنها في أرض صلد، و وثب عنها و قال: يا محمد، قد علمت أن هذا عملك، فادع اللَّه أن ينجيني مما أنا فيه، فو اللَّه لأعمينّ على من ورائي من الطلب، و هذه كنانتي فخذ منها سهما، فإنك ستمر بإبلي و غنمي في موضع كذا و كذا، فخذ منها حاجتك. فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم: «لا حاجة لي فيها»، قال: و دعا له رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم فأطلق فرجع إلى أصحابه [4].
أخبرنا عبد الأول قال: أخبرنا ابن المظفر قال: أخبرنا ابن أعين قال: حدّثنا الفربري قال: أخبرنا البخاري قال: حدّثنا يحيى بن أبي بكير قال: أخبرنا الليث، عن عقيل، قال ابن شهاب: أخبرني عبد الرحمن بن مالك [5] المدلجي: أنه سمع سراقة يقول:
جاءنا رسل كفّار قريش يجعلون في رسول اللَّه [صلّى اللَّه عليه و سلّم] [6] و أبي بكر دية كل واحد منهما لمن قتله أو أسره، فبينا أنا جالس في مجلس من مجالس قومي، أقبل رجل منهم حتى قام علينا [و نحن جلوس] [7]، فقال: يا سراقة، إني قد رأيت آنفا أسودة بالساحل، أراها محمدا و أصحابه. قال سراقة: فعرفت أنهم هم، فقلت: إنهم ليسوا بهم، و لكنك رأيت فلانا و فلانا، انطلقوا بأعيننا.