نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 357
بموضع كذا و كذا أخطأنا الماء، فكنا لا نقدر عليه، فانتهينا إلى موضع طلح و سمر، فانطلق كل رجل منا إلى أصل شجرة ليموت في ظلها، فبينا نحن في آخر رمق إذا راكب قد أقبل، فلما رآه بعضنا تمثل بهذه الأبيات:
و لما رأت أن الشريعة همها * * * و أن البياض في فرائضها دامي
تيممت العين التي عند ضارج * * * يفيء عليها الظل عرمضها طامي
[1] فقال الراكب: من يقول هذا الشعر؟ فقال بعضنا: امرؤ القيس، فقال: هذه و اللَّه ضارج أمامكم، و قد رأى ما بنا من الجهد، فرجعنا إليها فإذا بيننا و بينها نحو من خمسين ذراعا، و إذا هي كما وصف امرؤ القيس: عليها العرمض يفيء عليها الظل، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم: «ذاك رجل مشهور في الدنيا خامل في الآخرة، مذكور في الدنيا منسي في الآخرة، يجيء يوم القيامة معه لواء الشعراء يقودهم إلى النار»
. و فيها بعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق من خزاعة يصدقهم
و كانوا قد أسلموا و بنوا المساجد، فلما سمعوا بدنوه خرج منهم عشرون يتلقونه بالجزر و الغنم فرحا به، فلما رآهم ولى راجعا إلى المدينة، فأخبر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم أنهم لقوة بالسلاح، فهم أن يبعث من يغزوهم، فقدموا لما بلغهم الخبر، و نزلت: إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا ...[2]. و بعث معهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم الحارث بن عباد بن بشر يأخذ صدقاتهم.
و
روي عن ضرار الخزاعي، قال: قدمت على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم فدعاني إلى الإسلام فدخلت فيه و أقررت به، و دعاني إلى الزكاة فأقررت بها، و قلت: يا رسول اللَّه، ارجع إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام و أداء الزكاة فمن استجاب لي جمعت زكاته، فيرسل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم رسولا لا تأت كذا و كذا ليأتيك بما جمعت من الزكاة. فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له و بلغ الإبان الّذي أراد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم أن يبعث إليه احتبس عليه الرسول