نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 194
ثم هاجر إلى المدينة أول من هاجر، و ذلك أن الأنصار كتبت إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم:
ابعث لنا رجلا يفقهنا في الدين و يقرئنا القرآن، فبعث إليهم مصعب بن عمير، فنزل على أسعد بن زرارة و كان يأتي الأنصار في دورهم و قبائلهم فيدعوهم إلى الإسلام، و أظهر الإسلام في دور الأنصار، و كتب إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم يستأذن أن يجمع بهم في دار ابن خيثمة، و كانوا يومئذ اثني عشر رجلا، و هو أول من جمع في الإسلام يوم الجمعة.
و قد قيل: إن أول من جمع بهم أبو أمامة أسعد بن زرارة.
ثم خرج مصعب بن عمير من المدينة مع السبعين الذين وافوا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم في العقبة الثانية، فقدم مكة على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم و لم يقرب منزله، فجعل يخبر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم بإسراع الأنصار إلى الإسلام فسر بذلك .. و بعثت إليه أمه: يا عاق، أ تقدم بلدا أنا به و لا تبدأ بي، فقال: ما كنت لأبدأ بأحد قبل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم. و لما لقي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم ذهب إلى أمه فأرادت حبسه [1]، فقال: إن حبستني لأحرضن على قتل من يتعرض لي، فبكت و قالت: اذهب لشأنك، فقال: يا أماه، إني لك ناصح و عليك شفيق، فأسلمي، قالت: و الثواقب لا أدخل في دينك.
و أقام مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم بمكة بقية ذي الحجة و المحرم و صفر، و قدم قبل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم إلى المدينة مهاجرا لهلال ربيع الأول قبل مقدم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم باثنتي عشرة ليلة.
و كان لواء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم الأعظم لواء المهاجرين يوم بدر معه و يوم أحد.
و لما جال/ المسلمون ثبت به و أقبل ابن قميئة و هو فارس فضرب يده اليمنى فقطعها، و مصعب يقول: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ...[2].
فأخذ اللواء بيده اليسرى، و حنا عليه فضرب يده اليسرى فقطعها، فحنا على اللواء و ضمه بعضديه إلى صدره، و هو يقول: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ الآية. ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فأنفذه و اندق الرمح و وقع مصعب و سقط
[1] في الأصل: «أن تحبسه» و ما أوردناه من أ، و ابن سعد.