نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 108
و في يده قدح [1] يعدل به القوم، فمرّ بسواد بن غزيّة و هو/ مستنتل [2] من الصف، فطعن في صدره بالقدح [3]، و قال: «استويا سواد» فقال: يا رسول اللَّه، أوجعتني و قد بعثك اللَّه بالحق، فأقدني [4]. فكشف رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم عن بطنه و قال: «استقد» فاعتنقه و قبّل بطنه فقال: «ما حملك على هذا يا سواد». فقال: حضر ما ترى، فلم آمن القتل، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمسّ جلدي جلدك. فدعا له رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم.
ثم عدّل الصفوف، و رجع إلى العريش يناشد ربه و ما وعده من النّصر، فخفق [5] رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم في العريش خفقة ثم انتبه فقال: «يا أبا بكر، أتاك نصر اللَّه، هذا جبريل أخذ بعنان فرسه يقوده على ثناياه النّقع» [6].
ثم خرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم [إلى الناس] [7] يحرضهم و نفل كلّ امرئ منهم ما أصاب، و قال: «و الّذي نفس محمد بيده، لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا، مقبلا غير مدبر، إلا أدخله اللَّه الجنة».
فقال عمير بن الحمام- و في يده تمرات يأكلهن: بخ بخ [8]، فما بيني و بين [أن أدخل] [9] الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء! ثم قذف التّمرات من يده، و أخذ سيفه، فقاتل القوم حتى قتل [10]، و هو يقول:
ركضا إلى اللَّه بغير زاد * * * إلّا التّقى و عمل المعاد
و الصّبر في اللَّه على الجهاد * * * و كلّ زاد عرضة النّفاد