نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 2 صفحه : 75
فلما رأى ذلك و ما قد أشرف عليه، قال للقصار: أخبرني، أ لم أكن قد سمعتك يوم جاء بك الشّرط أنك قد سجدت؟ قال: نعم. فوثب من مجلسه و قبّل رأسه، و قال:
أشهد أنك أصدق من أولئك، و أنهم كذبوا عليك. فانصرف راشدا، فحمل كارته و مضى.
فضحك المهدي حتى فحص برجله، و قال: أحسنت و اللَّه، و وصله و بره
. ذكر ما كان من طسم و جديس
قال مؤلف الكتاب [1]: كانوا في أيام ملوك الطوائف، و كان فناء جديس على يد حسان بن تبّع [2].
قال علماء السير:/ كان طسم و جديس من ساكني اليمامة، و هي إذ ذاك من أخصب البلاد و أعمرها و أكثرها خيرا، فيها من صنوف الثمار و معجبات الحدائق و القصور الشامخة، و كان عليهم ملك من طسم، ظلوم غشوم، لا ينهاه شيء عن هواه، يقال له: عملوق.
و كان مما لقوا من ظلمه أنه أمر بألا تهدى بكر من جديس إلى زوجها حتى تدخل عليه فيفترعها [3]، فقال رجل من جديس يقال له الأسود بن غفار لرؤساء قومه: قد ترون ما نحن فيه من العار و الذلّ الّذي ينبغي للكلاب أن تعافه و تمتعض منه، فأطيعوني، فإنّي أدعوكم إلى عزّ الدهر و نفي الذّل، قالوا: و ما ذاك؟ قال: إني صانع للملك و قومه طعاما، فإذا جاءوا نهضنا إليهم بأسيافنا، فأنفرد به فأقتله، و ليجهز كل رجل منكم على جليسه.
فأجابوه إلى ذلك و أجمع رأيهم عليه، فأعد طعاما، و أمر قومه فانتضوا سيوفهم و دفنوها في الرمل، و قال: إذا أتاكم القوم يرفلون في حللهم فخذوا سيوفهم [4]، ثم
[1] «ذكر ما كان من طسم و جديس قال مؤلف الكتاب» بياض في ت مكان هذه العبارة.