نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 2 صفحه : 370
المسلمين يعذبونهم و يفتنونهم عن دينهم، و منع اللَّه رسوله منهم لعمه أبي طالب، و قام أبو طالب [1] في بني هاشم و بني عبد المطلب فدعاهم إلى ما هو عليه من منع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم و القيام دونه، فاجتمعوا إليه، و قاموا معه فأجابوا إلى ما دعاهم إليه من الدفع عن رسول اللَّه، إلا ما كان من أبي لهب، فلما رأى أبو طالب من قومه ما سرّه من جدهم و حدتهم عليه جعل يذكر فعل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم و مكانه فيهم ليسدد لهم رأيهم [2].
و من الحوادث العجيبة [3] أن أكثم بن صيفي الحكيم لما سمع بظهور رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم أراد أن يأتيه فمنعه قومه.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد بإسناده عن علي بن عبد الملك بن عمير، عن أبيه قال: بلغ أكثم بن صيفي مخرج النبي صلى اللَّه عليه و سلم فأراد أن يأتيه فأبى قومه أن يدعوه، و قالوا:
أنت كبيرنا لم يكن لتخفّ إليه. قال: فليأت من يبلغه عني و يبلغني عنه، فانتدب رجلان فأتيا النبي صلى اللَّه عليه و سلم فقالا: نحن رسل أكثم بن صيفي، و هو يسألك من أنت، و ما أنت، و بما ذا أجبت؟ فقال النبي صلى اللَّه عليه و سلم: «انا محمد بن عبد اللَّه، و أنا عبد اللَّه و رسوله، ثم تلا عليهم هذه الآية:إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [4] قالا: ردّد علينا هذا القول، فردده عليهم حتى حفظوه
قال: فلما أتيا أكثم قالا: [5] قد سألناه عن نسبه فوجدناه واسط النسب في مضر و قد رمى إلينا كلمات حفظناهن فلما سمعهن أكثم قال: يا قوم أراه يأمر بمكارم الأخلاق، و ينهى عن ملائمها، فكونوا في هذا الأمر رؤساء، و لا تكونوا أذنابا، و كونوا فيه أولا و لا تكونوا فيه آخرا، و لم يلبث أن حضرته الوفاة، فأوصى فقال: أوصيكم