و كانت الحرب فيه ثلاثة أيام، و كان أول أمر الفجار ابن بدر بن معشر الغفاريّ كان منيعا مستطيلا بمنعته على من ورد عكاظ فاتخذ مجلسا بسوق عكاظ، و قعد فيه، و جعل يبذخ على الناس و يقول:
نحن بنو مدركة بن خندف * * * من يضعوا في عينه لا يطرف
و هو باسط رجله و جعل يقول: أنا أعز العرب، فمن زعم أنه أعز العرب فليضربها بالسيف [2]. فوثب رجل من بني نصر بن معاوية يقال له [3]: الأحمر بن مازن، فضربه بالسيف على ركبته، فأندرها ثم قال:
خذها إليك أيها المخندف
ثم قام رجل من هوازن فقال:
نحن ضربنا ركبة المخندف * * * إذ مدّها في أشهر المعرف
ثم كان اليوم الثاني من الفجار الأول:
و كان سببه ذلك: أن شبابا من قريش من بني كنانة رأوا امرأة من بني عامر وسيمة جالسة بسوق عكاظ في درع، فأطافوا بها و سألوها أن تسفر فأبت، فقام أحدهم فجلس خلفها، و حلّ طرف درعها و شده إلى ما فوق عجزها بشوكة، فلما قامت انكشف درعها عن دبرها، فضحكوا و قالوا: منعتينا النظر إلى وجهك وجدت لنا بالنظر إلى دبرك.
فنادت: يا آل عامر. فتنادوا [4] بالسلاح و حملت كنانة [5]، فاقتتلوا قتالا شديدا و وقعت
[1] بياض من ت مكان: «و من الحوادث في سنة عشر من مولده صلى اللَّه عليه و سلم».