نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 2 صفحه : 222
مكة] [1] و تملّك على قومه و أهل مكة، فملّكوه، فكان قصيّ أوّل ولد كعب بن لؤيّ أصاب ملكا أطاع له به قومه، فكانت إليه الحجابة و السّقاية و الرّفادة و النّدوة [و اللواء] [2]. فحاز شرف مكة كلّه، و قطع مكة أرباعا بين قومه، فأنزل كلّ قوم من قريش منازلهم من مكّة [3] التي أصبحوا عليها [4].
و يزعم الناس أن قريشا هابت قطع شجر الحرم في منازلهم، فقطعها قصيّ بيده، و ما كانت تنكح امرأة و لا رجل من قريش إلا في دار قصي، و لا يتشاورون في أمر نزل بهم إلا من داره، و لا يعقدون لواء لحرب قوم [5] إلّا في داره، يعقدها لهم بعض ولده، و كان أمره [6] في قومه من قريش في حياته و بعد موته كالدين المتّبع، لا يعمل بغيره تيمنا بأمره، و معرفة بفضله و شرفه، و اتخذ قصيّ لنفسه دار الندوة، و جعل بابها إلى مسجد الكعبة ففيها كانت قريش تقضي أمورها [7].
و سميت/ دار الندوة لأنهم كانوا ينتدون فيها، أي: يجتمعون للخير و الشر، و الندى: مجمع القوم.
فأقام قصي على شرفه لا ينازع في شيء من أمر مكّة، إلا أنه قد أقرّ للعرب في شأن حجّهم ما كانوا عليه، و للنّسأة من بني مالك بن كنانة، إلى أن جاء الإسلام، و هو أوّل من أوقد النار بالمزدلفة، حيث وقف بها حتى يراها من دفع عرفه، فلم تزل توقد في تلك الليلة في الجاهلية، و لم تزل توقد على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم و أبي بكر و عمر.
قال الواقدي: و هي توقد إلى اليوم.
قالوا: فلما جمع [8] قريشا إلى الحرم سميت حينئذ لجمعه إياهم و كان يقال لهم قبل ذلك بنو النضر.