نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 2 صفحه : 112
يرها فعاد، فقال: لم أرها. فقال: ويحك، هي تلك. و أشار إليها فأبصرها الغلام في حضرته، فلما انتهى إليها [1] لم يرها. فقام أنوشروان بنفسه، و مشى إلى البستان، فحين مد يده ليقطعها [2] وقع الإيوان، فنظر إلى شيء من لطف اللَّه عز و جل فعجب و سرّ [3] سرورا شديدا، و تصدّق بمال جزيل [4]، ثم أعاد بناء الإيوان أفضل من بنائه الأول، و هذا هو الإيوان الموجود اليوم.
فلما فرغ منه رفع رأسه يوما [5] فرأى حمامة وحشية فوق المشرف، و إذا حيّة عظيمة قد دنت إلى [6] الحمامة لتثب عليها و تبتلعها، فرمى الحية بقوس البندق، فسقطت إلى الأرض و طارت الحمامة سليمة، فسرّ بإحسانه إلى الحمام [7]، ثم جاءت الحمامة بعد خمسة أيام فقعدت على تلك الشرفة، فلما رآها أنوشروان أخذت ترمي حبا لا يدرون ما هو، فأخذه فزرعه في بستان داره فنبت نباتا طيب [8] الريح، فقال: نعم ما كافأتنا الحمامة به حين نجيناها من الهلاك فبحقّ قيل: لن يضيع المعروف، و أنا أسأل [اللَّه] الّذي ألهم هذا الطائر من شكرنا [ما ألهمه] [9] أن يلهم رعيتنا في ذبّنا عنهم، و إخراجنا إياهم من الهلكة في دينهم و دنياهم إلى الهدى لشكرنا،/ و أن يلهمنا نحن الصبر على الإحسان [10] إليهم.
و لم يزل مظفرا منصورا يهابه الأمم [11]، يحضر بابه من وفدهم عدد كبير [12] من