زعم السدي، عن أشياخه: أن رجلا رأى في المنام أن خراب بيت المقدس و هلاك بني إسرائيل على يدي غلام يتيم ابن أرملة من أهل بابل يدعى «نصر»، فأقبل يسأل عنه حتى نزل على أمّه و هي تحتطب، فلما جاء على رأسه حزمة حطب ألقاها ثم قعد في البيت، فكلمه ثم أعطاه ثلاثة دراهم، فاشترى بها طعاما و شرابا، فلما كان في اليوم الثاني فعل به ذلك، و كذلك في اليوم الثالث، ثم قال له: إني أحب أن تكتب لي أمانا إن أنت ملكت يوما من الدهر. قال: تسخر بي؟!. قال: لا، و لكن ما عليك أن تتخذ عندي بها يدا. قالت له أمه: و ما عليك إن كان، و إلا لم ينقصك شيئا. فكتب له أمانا، فقال: أ رأيت إن جئت و الناس حولك قد حالوا بيني و بينك فاجعل لي آية تعرفني بها. قال: ترفع صحيفتك على قصبة فأعرفك بها، فكساه و أعطاه.
فلما قتل يحيى أصبح دمه يغلي، فلم يزل يلقى عليه التراب و يغلي إلى أن بلغ سور [3] المدينة، و خرج نصر من قبل صيحائين الملك، فتحصن القوم منه في مدائنهم، فلما اشتدّ عليه المقام همّ بالرجوع، فخرجت إليه عجوز من عجائز بني إسرائيل، فقالت: إن فتحت لك المدينة أ تعطيني ما أسألك فتقتل من آمرك بقتله، و تكفئ إذا أمرتك؟ قال: نعم. قالت: إذا أصبحت فأقسم جندك أربعة أرباع، ثم أقم
[1] في ت بياض مكان «ذكر ما عوقب به بني إسرائيل لقتلهم يحيى بن زكريا».