نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 18 صفحه : 36
ولد سنة اربع و سبعين بأسفرايين، دخل بغداد فأقام بها مدة يتكلم بمذهب الأشعري و يبالغ في التعصب، و كانت الفتن قائمة في أيامه و اللعنات في الأسواق، و كان بينه و بين الغزنوي معارضات حسد، فكان كل منهم يذكر الآخر على المنبر بالقبيح، فلما قتل المسترشد [و ولي الراشد ثم] [1] خرج من بغداد [خرج] [2] أبو الفتوح مع الراشد إلى الموصل، فلما توفي الراشد سئل في حقه المقتفي فأذن له في العود إلى بغداد، فدخل و تكلم، و اتفق أن جاء الحسن بن أبي بكر النيسابورىّ إلى بغداد فوعظ و ذم الأشعرية و ساعده الخدم و وجد الغزنوي فرصة فكلم السلطان مسعودا في حق أبي الفتوح، فأمر بإخراجه من البلد، و بلغني أن السلطان قال للحسن النيسابورىّ: تقلد دم أبي الفتوح حتى أقتله، فقال: لا أتقلد، فوكل بأبي الفتوح يوم الجمعة و يوم السبت و أخرج يوم الأحد و وقف له عند السور خمسة عشر تركيا، و جاء منهم واحد أو اثنان إليه، فقال: تقوم للمناظرة فخرج غير متأهب و لا مزود لسفر، و ذلك في شعبان فلما خرج من رباطه تبعه خلق كثير فلما وصلوا إلى السور ضربوا الأتراك فرجعوا، و كان قد سلم إلى قيماز الحرامي فتبعه جماعة ليحمل إلى همذان ثم سلم إلى عباس فبعثه إلى أسفراين و اشترط عليه متى خرج من بلده أهلك، فأخذ بلجام فرسه و سير به ناحية النهروان وحده و خرج أهله و أولاده فمضوا إلى رباط حموه، و هو أبو القاسم شيخ، فخرج هو و أبو منصور ابن البزار و يوسف الدمشقيّ و أبو النجيب إلى السلطان يسألون فيه، فلم يلتفت إليهم، و نودي في البلد لا يذكر أحد مذهبا و لا يثير فتنة، فانخزلت الأشاعرة و حمل أبو 16/ أ الفتوح إلى ناحية خراسان، فلما وصل إلى نيسابور [3] توفي بها في ذي الحجة من هذه السنة فدفن هناك.
و وصل الخبر بموته فقعدوا في رباطه للعزاء به، فحضر الغزنوي عزاءه و قد كان يذكر كل واحد الآخر على المنبر بالقبائح، فكلمه قوم من العامة بكلام فظيع و هو ساكت، و قالوا: إنما حضرت شماتة به و هو ساكت، فقام رجل فقيه فأنشد: