و كان جميل الصورة، كريم الأخلاق، كثير التعبد، لا يحفظ عنه أنه آذى مخلوقا، و لا شتم حاجبا [4]، و سمع الحديث و رواه، و توفي بداره بالكرخ بنهر البزازين ليلة الجمعة ثامن عشر ربيع الأول، و حمل من الغد إلى الجامع المنصور فصلي عليه، ثم حمل إلى مشهد مقابر قريش فدفن به، و مات عن اثنتين و سبعين سنة، ولي النقابة منها اثنتين و ثلاثين سنة و ثلاثة أشهر، و تولى مكانه ابنه أبو الفتوح حيدرة، و لقب بالرضي ذي الفخرين، و رثاه أبو عبد اللَّه بن عطية بأبيات منها:
هل ينفعن من المنون [5] حذار ^^^ أم للإمام من الرّدى أنصار
هيهات ما دون الحمام إذا دنا ^^^ وزر و لا يسطاع منه حذار
نفذ القضاء على الورى من عادل ^^^ في حكمه و جرت به الأقدار
ما لي أرى الآمال تخدع بالمنى ^^^ عدة تطول و تقصر الأعمار
و الناس في شغل و قد أفناهم ^^^ ليل يكرّ عليهم و نهار
و يد المنية شثنة مبسوطة ^^^ في كل أنملة لها أظفار
لو كان يدفع بطشها [6] عن مهجة ^^^ و يردّ حتفا معقل و جدار
لفدت ربيعة ذا المناقب و اشترت ^^^ حبّا له طول البقاء نزار
خرجت ذرى المجد المنيف و أصبحت ^^^ عرصات ربع المجد و هي قفار