نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 17 صفحه : 229
تعب، و جاء المطر عليهم طول ليلتهم و ليس معهم خيمة و لا زاد و لا عليف، فوصلت جمال قد نفذت من بغداد إلى الخليفة عليها الزاد و الثياب فأخذها دبيس ففرقها على عسكره، فاكتسوا و شبعوا و غنموا.
و بلغ الخبر إلى بغداد بمجيء دبيس فانزعج الناس و دخلوا تحت السلاح، و التجأ النساء و المشايخ إلى المساجد و أعلنوا بالدعاء و الاستغاثة إلى اللَّه تعالى، و تأدى الخبر إلى الخليفة و أرجف في عسكره بأن دبيسا قد دخل بغداد و ملكها، فرحل مجدا إلى النهروان، فلم يشعر دبيس إلّا برايات الخليفة قد طلعت، فلما رآها قبل الأرض في مكانه، و قال: أنا العبد المطرود ما إن يعفى عن العبد المذنب فلم يجبه أحد، فعاود القول و التضرع، فرق له الخليفة، و هم بالعفو عنه أو مصالحته [1] فصرفه الوزير ابن صدقة [2] عن هذا الرأي، و بعث الخليفة نظر الخادم إلى بغداد/ بتطييب قلوب الناس 97/ ب و نادى في البلد بخروج العسكر بطلب دبيس و الإسراع مع الوزير أبي علي بن صدقة، و دخل الخليفة داره، و كانت غيبته خمسة و عشرين يوما، و مضى دبيس و الملك إلى سنجر فاستجارا به هذا من أخيه، و هذا من أخيه، و هذا من أمير المؤمنين فأجارهما و لبسا عليه، فقالا:
قد طردنا الخليفة، و قال: هذه البلاد لي، فقبض سنجر على دبيس و اعتقله في قلعة يتقرب بذلك الى المسترشد، و خرج سعد الدولة برنقش الزكوي في تاسع رجب إلى السلطان، و اجتمع به خاليا، و أكثر الشكوى من الخليفة، و حقق في نفسه أن الخليفة يطلب الملك، و أنه خرج من داره مرتين [3]، و كسر من قصده و إن لم يدبر الأمر في حسم ذلك اتسع الخرق و صعب الأمر، و سيتضح لك حقيقة ذلك إذا أردت دخول بغداد و الّذي يحمله على ذلك وزيره أبو علي بن صدقة، و قد كاتب أمراء الأطراف و جميع العرب و الأكراد فحصل في نفس السلطان من ذلك ما دعاه إلى دخول بغداد.
و في هذه الأيام دخل أبو العباس ابن الرطبي يعلم الأمراء بدار الخليفة.