و شرمقان [4] قرية من قرى نسا. نزل بغداد، و كان أحد حفّاظ القرآن العالمين باختلاف القراء و وجوه القراءات، و حدّث عن جماعة، و كان صدوقا.
و جرت له قصة ظريفة رواها [5] محمد بن أبي الفضل [6] الهمذاني، عن أبيه قال: كان الشرمقاني المقرئ يقرأ على ابن العلاف، و كان يأوي إلى مسجد بدرب الزعفرانيّ، فاتفق أن ابن العلاف رآه ذات يوم في وقت مجاعة، و قد/ نزل إلى دجلة، 31/ أ و أخذ من أوراق الخس [7] ما يرمي به أصحابه، و جعل يأكله، فشق ذلك عليه، و أتى إلى رئيس الرؤساء فأخبره بحاله، فتقدم إلى غلام له بالمضي إلى المسجد الّذي يأوي إليه الشرمقاني، و أن يعمل لبابة مفتاحا من غير أن يعلمه، ففعل و تقدم أن يحمل في كل يوم ثلاثة أرطال خبزا سميذا و معها دجاجة و حلوى و سكر، ففعل الغلام ذلك، و كان يحمله على الدوام، فأتى الشرمقاني في أول يوم فرأى ذلك في القبلة مطروحا، و رأى الباب مغلقا فتعجب، و قال في نفسه: هذا من الجنة و يجب كتمانه، و أن لا أتحدث به، فإن من شرط الكرامة كتمانه، و أنشد:
من أطلعوه على سر فباح به * * * لم يأمنوه على الأسرار ما عاشا
فلما استوت حاله، و أخصب جسمه [8] سأله ابن العلاف عن سبب ذلك و هو