نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 16 صفحه : 246
و نقلت من خط أبي الوفاء بن عقيل قال: قدم أبو المعالي الجويني بغداد أول ما دخل الغز، و تكلم في أبي إسحاق، و أبي نصر بن الصباغ، و سمعت كلامه قال: و ذكر الجويني في بعض كتبه ما خالف به إجماع الأمة، فقال: إن اللَّه تعالى يعلم المعلومات 119/ أ من طريق الجملة لا من طريق التفصيل. قال: و ذكر لي الحاكي عنه و هو من الفضلاء: من مذهبه أنه ذكر على ذلك شبهات سمّاها حججا برهانية. قال ابن عقيل:
فقلت له: يا هذا، تخالف نص الكتاب، قال اللَّه تعالى: وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ[1] و قال:
يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ[2]وَ يَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ[3] و يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفى[4]وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[5] ثم انتقل إلى بيان علم ما لم يكن إن لو كان كيف كان يكون فقال لَوْ رُدُّوا لَعادُوا[6] و هذا من جهة السمع، فأما من جهة العقل فإنه خلق جميع الأشياء الكليات و الجزئيات، و هذا غاية الدليل على الإحاطة بتفاصيل أحوالها، و معلوم أن دقائق حكمته المدفونة في النحل و هو ذباب من سمع و بصر [و تهد] [7] إلى دقائق الإتقان في عمل البيوت و الادخار للأقوات ما يبطل هذا، و لو صح ما قال كانت الجزئيات في حيز الإهمال، و من نفى عن نفسه الجهل و أثبت لها العلم كيف يقال فيه هذا. و قد عجبت من تهجمه بمثل هذا، و هذه المقالة غاية الضلالة، هذا كله كلام ابن عقيل.
و حكى هبة اللَّه بن المبارك السقطي قال: قال لي محمد بن الخليل البوشنجي:
حدثني محمد بن علي الهريري و كان تلميذ أبي المعالي الجويني قال: دخلت عليه في مرضه الّذي مات فيه و أسنانه تتناثر من فيه و يسقط منه الدود لا يستطاع شم فيه [8]، فقال: