نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 16 صفحه : 165
ذكر بيعة المقتدي بأمر اللَّه
[1]/ قد ذكرنا أنه لما احتضر القائم كتب ولاية العهد للمقتدي، فلما توفي استخلف 82/ ب المقتدي يوم الجمعة ثالث عشر شعبان هذه السنة، و لقّب: بالمقتدي بأمر اللَّه، و جلس في دار الشجرة بقميص أبيض، و عمامة لطيفة بيضاء، و طرحة قصب درية، و دخل الوزير فخر الدولة و عميد الدولة، و استدعى مؤيد الملك بن النظام، و النقيبان طراد العلويّ، و قاضي القضاة الدامغانيّ، و دبيس، و أبو طالب الزينبي، و ابن رضوان، و ابن جردة، و وجوه الأشراف و الشهود و المتقدمون و بايعوه، و كان أول من بايعه الشريف أبو جعفر، و ذاك أنه لما غسل القائم بايعه حينئذ قبل الناس، و قال الشريف أبو جعفر: لما أن بايعته أنشدته:
إذا سيد منا مضى قام سيد
ثم ارتجز على تمامة فقال هو:
قؤول بما قال الرجال فعول
و بايعه مع الجماعة أبو إسحاق، و أبو نصر بن الصباغ، و أبو محمد التميمي، و برز فصلى بالناس العصر، و بعد ساعة حمل التابوت على الطيار يبكون من غير صراخ، و صلى عليه فكبر أربعا، و دفن في حجرته التي كانت برسم خلوته، و كان المقتدي من رجال بني العباس، له همة عالية و شجاعة و هيبة، و في زمانه قامت حشمة الدولة، و لما استفحل أمر تتش بعد وفاة أخيه ملك شاه، و اشتدت شوكته، و كثرت عساكره، و استولى على ديار بكر و بلاد العرب كاتب المقتدي يسأله أن يقيم له الخطبة، و خلط السؤال بنوع تهديد، فأمر المقتدي أن يكتب له كتاب فيه خشونة، و كانت فيه: صلح/ أن يكون 83/ أ خطابك في الخطبة إذا حصلت الدنيا بحكمك و خزائن الأموال بأصفهان، و ولايتها تحت يدك، و البلاد بأسرها في قبضتك، و لم يبق من أولاد أخيك من يخالفك، ثم تسأل حينئذ تشريفك بالخطبة و تأهيلك للخدمة، فأما في هذه الحال فلا سبيل إلى ما التمسته [2]، و لا طريق إلى ما تحاوله، فلا تعد حد العبيد فيما تنهيه و تسطره، و الاتباع