نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 15 صفحه : 90
/ و في هذا الشهر [1]: ورد الخبر على فخر الملك من الكوفة، بأن أبا فليتة ابن القوي سبق الحاج إلى واقصة في ستمائة رجل، فنزح الماء في مصانع البرمكي، و الريان [2] و غورها، و طرح في الآبار الحنظل، و أقام يراصد ورودهم، فلما وردوا العقبة [في] [3] يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من صفر اعتقلهم هناك [4]، و منعهم الاجتياز، و طالبهم بخمسين ألف دينار فامتنعوا من تقرير أمره على شيء، و ضعفوا عن الصبر، و بلغ منهم العطش فهجم عليهم فلم يكن عندهم دفع و لا منع، فاحتوى على الجمال و الأحمال و الأموال فهلك من الناس الكثير، و قيل: هلك خمسة عشر ألف إنسان و لم يفلت إلا العدد اليسير، و أفلت أبو الحارث بن عمر العلويّ و هو أميرهم في نفر من الكبار على أسوأ حال، و في آخر رمق خلص من خلص بالتخفير من العرب و ركوب الغرر في المشي على القدم، و كان فخر الملك حينئذ مقيما على سد الشق [5] فورد عليه من هذا الأمر [6] أعظم مورد و كاتب عامل الكوفة بأن يحسن إلى من سلم و يعينهم [7] و كاتب [8] علي بن مزيد، و أمره أن يطلب العرب الذين فعلوا هذا و يوقع بهم بما يشفي الصدر منهم [و ندب] [9] من يخرج لمعاونته فسار ابن مزيد فلحق القوم في البرية و قد قاربوا البصرة، فأوقع بهم و قتل الكثير منهم، و أسر ابن القوي أبا فليتة و الأشتر و أربعة عشر رجلا من وجوه بني خفاجة، و وجد الأحمال و الأموال قد تمزقت، و أخذ كل فريق من ذلك الجمع طرفا، فانتزع ما أمكنه انتزاعه و عاد إلى الكوفة، و بعث بالأسراء إلى بغداد فشهروا و أودعوا الحبس، و أجيع منهم جماعة و أطعموا المالح، و تركوا على/ دجلة حتى شاهدوا الماء حسرة و ماتوا عطشا هناك، و أوقع أبو الحسن بن مزيد