نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 15 صفحه : 56
عبد الصمد يدق السعد في العطارين و يذهب مذهب التدين و التصون و التعفف و التقشف، فسمع عطارا يهوديا يقول لابنه: يا بني قد جربت هؤلاء المسلمين فما وجدت فيهم ثقة، فتركه عبد الصمد أياما ثم جاءه، فقال: أيها الرجل [1] تستأجرني لحفظ دكانك. قال: نعم، و كم تأخذ مني؟ قال: ثلاثة أرطال خبز و دانقين فضة كل يوم، قال: قد رضيت، قال: فاعطني الخبز أدرارا و اجمع لي الفضة عندك فإنّي أريدها لكسوتي. فعمل معه سنة، فلما انقضت جاءه فحاسبه فقال: انظر إلى دكانك، قال: قد نظرت، قال: فهل وجدت خيانة أو خللا، قال: لا و اللَّه، قال: فإنّي لم أرد العمل معك و إنما سمعتك تقول لولدك في الوقت الفلاني أنك لم تر في المسلمين أمينا، فأردت أن أنقض عليك قولك و أعلمك أنه إذا كان مثلي و أنا أحد الفقراء على هذه الصورة فغيري من المسلمين على مثلها/ و ما هو أكثر منها [2]. ثم فارقه و أقام على دق السعد مدة و عرفه الناس و اشتهر بفعله و دينه عندهم و انقطع إلى الوعظ، و حضور الجوامع و كثر أصحابه و شاع ذكره، و كان ينكر على من يسمع القضيب.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد [3]، أخبرنا أحمد بن علي، قال: حدثني علي بن محمد بن الحسن المالكي، قال: جاء رجل إلى عبد الصمد [4] بمائة دينار ليدفعها إليه، فقال [5]: أنا غني عنها، فقال: ففرقها على أصحابك هؤلاء، فقال: ضعها على الأرض. ففعل، فقال عبد الصمد للجماعة: من احتاج [منكم] [6] إلى شيء، فليأخذ على قدر حاجته. فتوزعتها الجماعة على صفات مختلفة من القلة و الكثرة و لم يمسها هو بيده. ثم جاءه ابنه بعد ساعة فطلب منه شيئا، فقال له: اذهب إلى البقال فخذ منه على ربع رطل تمر.
و بلغنا عن عبد الصمد أنه اشترى يوما دجاجة [7] و فاكهة و حلوى فرآه بعض