إن الأصفهلارية وردوا إلى بغداد، فراسلوا العيارين و كانوا قد كثروا بالانصراف عن البلد، فلم يلتفتوا إلى هذه المراسلة و خرجوا إلى مضارب الأصفهلارية [2] و صاحوا و شتموا، و وقعت حرب طول النهار و أصبح الجند على غيظ و حنق، فلبسوا السلاح و ضربوا الدبادب كما يفعل في الحرب، و دخلوا الكرخ و وقعت النار فاحترق من الدقاقين إلى النحاسين و بعض باب المساكين و سائر الأبواب التي كانوا يتحصنون بها، و نهبت الكرخ في هذا اليوم و هو يوم الأحد لعشر بقين من المحرم، و أخذ الشيء الكثير من القطيعة و درب رياح، و فيه كانت دار أبي يعلى ابن الموصلي رئيس العيارين، و أخذ من درب أبي خلف الأموال خص بها من دار ابن زيرك البيع، و قلعت الأبواب من درب عون و سائر أسواق الكرخ السالمة من الحريق، و أصبح الناس في اليوم الثالث على خطة صعبه، و كان ما انتهبه العوام من غير أهل الكرخ أكثر مما نهبه الأتراك [3]، و مضى المرتضى مستوحشا مما جرى إلى دار الخليفة فانحدر الأصفهلارية [4]، و سألوا التقدم إليه بالرجوع، فخلع عليه ثم تقدم إليه بالعود، ثم حفظت المحال و اشيعت المصادرات، و قرر على الكرخ مائة ألف دينار.