نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 15 صفحه : 142
قصرك لتكون ذخيرة لك، فقبلت الأرض و بكت، و قالت له: إذا كنت تتصور هذا فارحمني و دع ركوبك في هذه الليلة، فقال: أفعل و كان من رسمه أن يطوف كل ليلة حول القصر من أول الليل إلى الصباح في ألف رجل، فقعد تلك الليلة إلى أن مضى صدر/ من الليل [1]، ثم ضجر و أحب الركوب فترفقت به والدته و قالت: اطلب النوم يا مولانا، فنام ثم انتبه [و قد] [2] بقي من الليل ثلثه، قال: إن لم أركب و أتفرج خرجت روحي.
فركب و صعد إلى الجبل و ليس معه إلّا الصبي، فخرج العبدان فطرحاه إلى الأرض و قطعا يديه و شقا جوفه و لفاه في كساء و حملاه إلى ابن دواس بعد أن قتلا الصبي، فحمله ابن دواس إلى أخته فدفنته في مجلسها و كتمت أمره و أحضرت الوزير و عرفته الحال و استكتمته و استحلفته على الطاعة، و رسمت له مكاتبة ولي العهد عن الحاكم، و كان بدمشق بالمبادرة، و أنفذت إلى أحد القواد يقيم في الطريق، فإذا وصل ولي العهد قبض عليه و عدل به إلى تنيس، و كتبت إلى عامل تنيس عن الحاكم بأن يحمل ما [قد] [3] اجتمع عنده، و كان ألف ألف دينار و ألفي ألف درهم.
و فقد الناس الحاكم فماجوا في اليوم الثالث و قصدوا الجبل، فلم يقفوا على أثر، فعادوا إلى أخته فسألوها عنه، فقالت: قد كان راسلني قبل ركوبه و أعلمني أنه يغيب سبعة أيام. فانصرفوا على طمأنينة و رتبت ركابية يمضون و يعودن كأنهم يقصدون موضعا و يقولون لكل من يسألهم فارقناه في الموضع الفلاني و هو عائد يوم كذا، و لم تزل الأخت تدعو في هذه الأيام وجوه القواد و تستحلفهم و تعطيهم، و ألبست أبا الحسن علي ابن الحاكم أفخر الملابس، و استدعت ابن دواس و قالت له: المعول في القيام بهذه الدولة [4] عليك، و تدبيرها موكول إليك، و هذا الصبي ولدك فينبغي أن تنتهي في الخدمة إلى غاية وسعك، فقبل الأرض و وعد بالإخلاص في الطاعة، و أخرجت الصبي و قد
[1] «إلى أن مضى صدر من الليل»: العبارة ساقطة من ص.