نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 15 صفحه : 140
له: العبيد يحرقون مصر و ينهبونها، و النار تعمل في الموضع الفلاني و الموضع الفلاني، فيظهر التوجع، و يقول: من أمرهم بهذا لعنهم اللَّه، فلما كان في اليوم الثالث اجتمع الأشراف و الشيوخ في الجوامع، و رفعوا المصاحف، و عجوا بالبكاء، و ابتهلوا إلى اللَّه تعالى في الدعاء، فرحمهم المشارقة و الأتراك، فانحازوا إليهم و قاتلوا معهم، و أرسلوا إلى الحاكم يقولون:
نحن عبيدك و مماليكك، و هذا البلد بلدك، و فيه حرمنا و أولادنا و ما علمنا أن أهله جنوا جناية تقتضي سوء المقابلة، فإن كان هناك باطن لا نعرفه أشعرتنا به و انتظرت علينا إلى أن نخرج أموالنا و عيالنا، و أن كان ما عليه هؤلاء العبيد مخالفا لرأيك أطلعتنا في معاملتهم بما تعامل به المفسدين، فأجابهم: بأني ما أردت ذلك و لا أذنت فيه، و قد أذنت لكم في نصرتهم و الإيقاع بمن يتعرض بهم.
و راسل العبيد سرا بان كونوا/ على أمركم، و حمل إليهم سلاحا قواهم به، فاقتتلوا، و أعادوا الرسالة إليه: انا قد عرفنا غرضك انه إهلاك هذا البلد و ما يجوز أن نسلم أنفسنا، و أشاروا إلى بعض العبيد [1] في قصد القاهرة، فلما رآهم مستظهرين ركب حماره و وقف بين الفريقين، و أومأ إلى العبيد بالانصراف، و سكن الآخرين فقبلوا ذلك و شكروه، و سكنت الفتنة، و كان قدر ما أحرق من مصر ثلثها و نهب نصفها، و تتبع المصريون من أخذ من زوجاتهم و بناتهم، و ابتاعوا من العبيد بعد أن فضحوهن حتى قتل منهن نفوسهن خوفا من عار الفواحش المرتكبة منهم، ثم زاد ظلم الحاكم و عن له أن يدعي الربوبية، فصار قوم من الجهال إذا رأوه يقولون له: يا واحدنا يا أحدنا يا محيي يا مميت، و كان قد أسلم جماعة من اليهود فكانوا يقولون انا نريد أن نعاود شرعنا الأول فيفسح لهم في الارتداد، و أوحش أخته بمراسلات قبيحة، و قال لها: قد وقع إلي أنك تدخل الرجال إليك، فراسلت[2] قائدا يقال له ابن دواس كان شديد الخوف من الحاكم أن يقتله، فقالت: إني أريد [أن] ألقاك أما أن تتنكر لي و تأتيني [3] و أما أن أجيء إليك،