ولد سنة سبع و أربعين و مائتين، و رأى محمد بن يحيى الذهلي، و لم يسمع منه، ثم سمع من خلق كثير، و رحل به أبوه إلى أصبهان، و مكة، و مصر، و الشام، و دمياط، و الجزيرة، و بغداد [3]، و غيرها من البلدان، فسمع من مشايخها، و انصرف إلى خراسان و هو ابن ثلاثين سنة، و هو محدّث كبير، و إنما ظهر به الصمم بعد انصرافه من الرحلة، ثم استحكم حتى كان [4] لا يسمع نهيق الحمار، و لم يختلف في صدقه و صحة سماعاته و ضبط أبيه لها [5]، و كان حسن التدين، أذّن سبعين سنة في مسجده، و كان يورق و يأكل من كسب يده، و ربما عابه قوم بأخذ شيء على التحديث، و إنما كان يفعل هذا ابنه و وراقه، فأما هو فإنه كان يكره ذلك، و حدّث ستا و سبعين سنة، سمع منه الآباء و الأبناء و أبناء الأبناء، و كانت الرحلة إليه من البلاد متصلة.
أنبأنا زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو عثمان [6] الصابوني، و أبو بكر البيهقي قالا: أخبرنا الحاكم أبو عبد اللَّه قال: خرج علينا أبو العباس الأصم [7] و نحن في مسجده، و قد امتلأت السكة من الناس، فلما نظر إلى كثرة الناس و الغرباء، و قد قاموا يطرقون له و يحملونه على عواتقهم إلى مسجده، لما بلغ المسجد جلس على جدار المسجد و بكى