نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 13 صفحه : 242
أنبأنا محمد بن أبي طاهر، قال: أنبأنا علي/ بن المحسن، عن أبيه، قال:
حدثني أبو الحسين عبد اللَّه بن أحمد بن عياش القاضي: أن رجلا دامت عطلته، فزور كتبا عن علي بن محمد بن الفرات و هو وزير إلى أبي زنبور عامل مصر [1]، و خرج إليه فلقيه بها فأنكرها [أبو زنبور] [2] لإفراط التأكيد فيها، و استراب بالخطاب، فوصل الرجل بصلة يسيرة و أمر له بجراية، و قال: تأخذها إلى أن انظر في أمرك، و أنفذ الكتب إلى ابن الفرات، و كان فيها: أن للرجل حرمة وكيدة بالوزير و خدمة قديمة، فوصلت الكتب إلى أبي الحسن ابن الفرات و أصحابه بين يديه فعرفهم ذلك، و قال: ما الرأي؟ فقال بعضهم: تقطع يده للتزوير على الوزير و قال بعضهم: يقطع إبهامه، و قال بعضهم:
يضرب و يحبس، و قال بعضهم: يكشف أمره لأبي زنبور حتى يطرده، فقال ابن الفرات:
ما أبعد طباعكم عن الجميل! رجل توسل بنا و تحمل المشقة إلى مصر بجاهنا و لعله كان لا يصل إلينا فيأخذ كتبنا، فخفف عنا بأن كتب لنفسه يكون حظه الخيبة؟ ثم كتب على الكتاب المزور إلى أبي زنبور [3] هذا كتابي و لا أعلم لأي سبب أنكرته، و لا لأي سبب استربت به، و حرمة صاحبه بي وكيدة، و سببه عندي أقوى مما تظن، فأجزل عطيته و تابع بره. فلما كان بعد مدة طويلة دخل عليه رجل جميل الهيئة، فأقبل يدعو له و يبكي و يقبل الأرض بين يديه و ابن الفرات لا يعرفه، و يقول: بارك اللَّه عليك مالك. فقال: أنا صاحب الكتاب المزور إلى أبي زنبور الّذي حققه بفضل الوزير فعل اللَّه به و صنع، فضحك ابن الفرات و قال: فبكم وصلك؟ فقال: وصل إلي من ماله و بتقسيط قسطه لي و بتصرف صرفني [4] عشرون ألف دينار، فقال: الزمنا فانّا ننفعك بأضعافه [5].
و استخدامه فأكسبه مالا عظيما.
قال: ابن عياش: و كان أول ما انحلّ من نظام سياسة الملك فيما شاهدناه
[1] على هامش المطبوعة: «هو الحسين بن أحمد المادرائي».