نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 12 صفحه : 303
1857- محمد بن جعفر المتوكل على اللَّه، يكنى: أبا أحمد [1].
ولد في ربيع الأول يوم الأربعاء لليلتين خلتا منه، سنة سبع و عشرين [2] و مائتين [و أمه أم ولد] [3] و لقب الموفق باللَّه، و كان أخوه المعتمد قد عقد له ولاية العهد بعد ابنه جعفر، فمات الموفق قبل موت المعتمد بسنة و أشهر و قيل: اسمه طلحة، و قد ذكرنا وقائعه و حروبه فيما مضى، و ما فعل بصاحب الزنج بالبصرة، و كان له الجيش تحت يده و الأمر كله إليه [4] و ما جرى له مع عمرو بن الليث، و مع ابن طولون، و تسمى بعد قتل صاحب الزنج: بالناصر لدين اللَّه، مضافا إلى الموفق باللَّه فكان يخطب له على المنابر بلقبين: «اللَّهمّ أصلح الأمير الناصر لدين اللَّه أبا أحمد الموفق باللَّه، ولي عهد المسلمين أخا أمير المؤمنين». و كان غزير العقل [5]، حسن التدبير كريما. قال يوما: إن جدي عبد اللَّه بن العباس [رضي اللَّه عنهما كان] [6] يقول: إن الذباب ليقع على جليسي فيغمني ذلك. و هذا نهاية الكرم، أنا و اللَّه أرى جلسائي بالعين التي أرى إخوتي [7] و اللَّه لو تهيأ لي نقلت أسماءهم من الجلساء و الندماء إلى الإخوان و الأصدقاء./
و في هذه السنة: قدم أبو أحمد من الجبل إلى العراق، و قد اشتد به وجع النقرس، حتى لم يقدر على الركوب، فاتخذ له سرير عليه قبة، فكان يقعد عليه، و معه خادم يبرد رجله بالأشياء الباردة، حتى بلغ من أمره أنه كان يضع عليها الثلج، ثم صارت علة رجله «داء الفيل» و كان يحمل سريره أربعون حمالا، يتناوب عليه عشرون عشرون، و ربما اشتد به أحيانا فيأمرهم أن يضعوه، فقال لهم يوما: قد ضجرتم، و بودي أني واحد منكم أحمل على رأسي، و آكل، و أني في عافية، قد أطبق دفتري على مائة ألف مرتزق أسوأ ما فيهم أقبح [8] حالا مني.