كان أستاذ الجنيد و له منازلات [2] في التوكل و الشوق.
أخبرنا عمر بن ظفر، أخبرنا جعفر بن أحمد، أخبرنا عبد العزيز بن علي الأزجي، أخبرنا علي بن عبد اللَّه بن جهضم، حدّثنا الخلدي قال: قال الجنيد: قال لي محمد بن [3] السمين: كنت في وقت من الأوقات أعمل على الشوق، و كنت أجد من ذلك شيئا أنا به مستقبل، فخرجت إلى الغزو و هذه الحالة حالتي [4]، و غزا الناس و غزوت معهم، و كثر العدو على المسلمين، و تقاربوا و التقوا، و لزم المسلمين من ذلك خوف لكثرة الروم.
قال محمد: فرأيت نفسي في ذلك الموطن و قد لحقها روع فاشتد ذلك عليّ، فجعلت أوبخ نفسي و ألومها و أؤنبها و أقول لها: يا كذابة، قد عين الشوق فلما جاء الموطن الّذي يؤمل في مثله [5] الخروج اضطربت و تغيرت. فأنا أوبخها إذ وقع عليّ أن أنزل إلى النهر فأغتسل، فخلعت ثيابي و اتزرت، و دخلت [6] النهر و اغتسلت، و خرجت و قد اشتدت لي عزيمة لا أدري ما هي، فخرجت بقوة تلك العزيمة، و لبست ثيابي، و أخذت سلاحي، و دنوت من الصفوف، و حملت بقوة تلك العزيمة حملة، و أنا لا أدري كيف أنا، فمزقت صفوف المسلمين، و صفوف الروم حتى صرت من ورائهم، ثم كبّرت تكبيرة، فسمع الروم تكبيرا و ظنوا أن كمينا قد خرج عليهم من ورائهم، فولوا، و حمل عليهم المسلمون فقتل من الروم بسبب تكبيرتي تلك نحو أربعة آلاف، و جعل اللَّه عز و جل ذلك سبب النصر و الفتح.