نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 11 صفحه : 53
و لما ولي المعتصم، بعث إليه أبا سعيد محمد بن يوسف إلى أردبيل، و أمره أن يبني الحصون التي خرّبها بابك فيها بين زنجان و أردبيل، و يجعل فيها الرجال مسالح لحفظ الطريق لمن يجلب الميرة إلى أردبيل، فتوجّه [1] أبو سعيد لذلك، و بنى الحصون، فوجه بابك سريّة [2] له في بعض غاراته، و جعل أميرهم رجلا يقال له:
معاوية، فخرج فأغار على بعض النواحي و رجع منصرفا، فبلغ ذلك أبا سعيد محمد بن يوسف، فجمع الناس، و خرج إليه، فعرض له في بعض الطريق، فواقعه [3]، فقتل من أصحابه جماعة، و أسر منهم جماعة، و استنقذ ما كان حواه، فهذه أول هزيمة كانت على أصحاب بابك، و بعث أبو سعيد الأسرى و الرءوس [4] إلى المعتصم [5].
ثم كانت أخرى لمحمد بن البعيث، و كان في قلعة حصينة، و كان مصالحا لبابك إذا توجهت سراياه نزلت به، فأضافهم، فوجّه بابك رجلا يقال له: عصمة في سرية، فنزل بابن البعيث، فأقام له الضيافة على العادة، و بعث إلى عصمة/ أن يصعد إليه في 24/ ب خاصّته و وجوه أصحابه، فصعد فغدّاهم و سقاهم حتى أسكرهم، ثم وثب على عصمة فاستوثق منه، و قتل من كان معه من أصحابه، و أمره أن يسمّي رجلا رجلا [6] من أصحابه باسمه، فكان يدعى [7] الرجل باسمه [8] فيصعد، فيضرب عنقه، حتى علم الباقون فهربوا، و وجّه بعصمة إلى المعتصم، فلم يزل محبوسا إلى أيام الواثق [9].
فندب المعتصم الأفشين للقاء بابك، و عقد له على الجبال كلها، و وصف [10] له كل يوم يركب فيه عشرة آلاف درهم صلة [11]، و يوما لا يركب خمسة آلاف درهم، سوى الأرزاق و الأنزال و المعاون و ما يتصل إليه من أعمال الجبال، و أجازه عند خروجه بألف ألف درهم فقاومه الأفشين سنة، و انهزم من بين يديه غير مرة، و لما وصل [12] الأفشين إلى برزند عسكر بها، و رمّ الحصون ما بين برزند، و أردبيل، و أنزل محمد بن يوسف بموضع