نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 11 صفحه : 247
القاضي يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر، و يقول: لو لا هذا لم أتلبس لهم بعمل/ 106/ أ لكني إذا لم ألي القضاء لم أقدر [عليه] [1]، و كان يحيي الليل، و يصوم الاثنين، و الخميس، و الجمعة، و لا يرضى من العمال حتى يؤدوا حقوق الناس إليهم، فدخل عليه أحمد بن حرب يوما فوعظه، و أشار في موعظته بأن يستعفي مما هو فيه، فقال: يا أبا عبد اللَّه، ما يحملني على ما أنا فيه إلا نصرة الملهوفين، و القدرة على الانتصار للمظلومين من الظالمين، و لعل اللَّه عز و جل قد عرف لي ذلك.
قال الحاكم: و حدثني محمد بن حامد قال: حدثنا الحسن بن منصور قال: حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال: قال لي [2] نصر بن زياد القاضي: يا أبا أحمد [3]، أعلمت [4] أن أبا بكر الصديق سمّ على العدل، و أن عمر بن الخطاب قتل على العدل، و أن عثمان بن عفان قتل على العدل، و أن علي بن أبي طالب قتل على العدل، و أن عمر بن عبد العزيز سمّ على العدل، يأبى الناس أن يحتملوا العدل.
قال الحاكم: و سمعت [أبا حامد] [5] أحمد بن محمد المقرئ الواعظ يقول:
سمعت غير واحد من مشايخنا يذكر أن رجلا ورد هراة فرفع قصة إلى عبد اللَّه بن طاهر، فلما قدم بين يديه قال: من خصمك؟ قال: الأمير أيده اللَّه، قال: ما الّذي تدعي عليّ؟
قال: ضيعة لي بهراة غصبنيها والد الأمير و هي اليوم في يده. قال: أ لك بيّنة؟ قال: إنما تقام البينة بعد الحكومة إلى القاضي، فإن رأى الأمير [أن] [6] يحملني و إياه على حكم الإسلام. قال: فدعى عبد اللَّه بن طاهر بالقاضي نصر بن زياد، ثم قال للرجل: ادعي.
قال [7]: فادعى الرجل مرة بعد مرة، فلم يلتفت إليه نصر بن زياد، و لم يسمع دعواه،/ 106/ ب فعلم الأمير أنه قد امتنع من سماع [8] الدعوى قال: حتى يجلس الخصم و المدعي، فقام عبد اللَّه بن طاهر من مجلسه، حتى بلغ مع خصمه بين يديه، فقال نصر للمدعي:
ادّعي، فقال: أيد اللَّه القاضي إن ضيعة لي بهراة، و ذكرها بحدودها و حقوقها، هي لي في يد الأمير، فقال له الأمير عبد اللَّه بن طاهر: أيها الرجل، قد غيّرت الدعوى، إنما