نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 11 صفحه : 16
و العمل بالحقّ في رعيّتهم و التشمير لطاعة اللَّه فيهم، و اللَّه يسأل أمير المؤمنين أن يوفقه لعزيمة الرّشد و صريمته، و الإقساط فيما ولّاه اللَّه من رعيته برحمته و منّته، و قد عرف أمير المؤمنين أنّ السواد [1] الأعظم من حشو الرعية و سفلة العامة ممن لا نظر له و لا رويّة و لا استدلال له بدلالة اللَّه و هدايته و لا استضاء [2] بنور العلم و برهانه في جميع الأقطار و الآفاق، أهل جهالة باللَّه، و عمى عنه، و ضلالة عن حقيقة دينه و توحيده و الإيمان به، و نكوب عن واضحات أعلامه، و واجب سبيله، و قصور أن يقدروا اللَّه حقّ قدره، و يعرفونه كنه معرفته [3]، و يفرّقوا بينه و بين خلقه، لضعف آرائهم، و نقص عقولهم 9/ أ و جفائهم عن التفكير و التذكير [4]، و ذلك [5] أنهم ساووا [6] بين اللَّه/ عز و جل و بين ما أنزل من القرآن، فاطبقوا مجتمعين، و اتّفقوا غير متعاجمين، على أنه قديم أوّل لم يخلقه اللَّه و يحدثه و يخترعه، و قد قال تعالى [7] في محكم كتابه: الّذي جعله لما في الصدور شفاء، و للمؤمنين رحمة و هدى: إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا [8] فكلّ ما [9] جعله اللَّه فقد خلقه.
و قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ، وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ [10].
و قال عزّ و جلّ: كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ [11] فأخبر أنه قصص لأمور تلا به متقدّمها.
و قال: الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [12] و كل محكم [13] مفصّل فله محكم و مفصّل [14]، و اللَّه محكم كتابه و مفصّله؛ فهو خالقه و مبتدعه.