نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 10 صفحه : 65
واقفا على رأس المأمون يوما و قد قعد للمظالم، فأطال الجلوس حتى زالت الشمس، و إذا امرأة قد أقبلت تعثر في ذيلها حتى وقفت على طرف البساط، فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة اللَّه و بركاته. فنظر المأمون إلى يحيى بن أكثم، فأقبل يحيى عليها فقال: تكلمي. فقالت: يا أمير المؤمنين، قد حيل بيني و بين ضيعتي، و ليس لي ناصر إلا اللَّه. فقال لها يحيى بن أكثم: إن الوقت قد فات، و لكن عودي يوم الخميس. قال: فرجعت، فلما كان يوم الخميس قال المأمون: أوّل من يدعى المرأة المظلومة. فدعا بها. فقال: أين خصمك؟ قالت: واقف على رأسك يا أمير المؤمنين، قد حيل بيني و بينه. و أومأت إلى العباس ابنه. فقال لأحمد بن أبي خالد: خذ بيده و أقعده معها. ففعل، فتناظرا ساعة/ حتى علا صوتهما عليه [1] فقال لها أحمد بن أبي خالد: إنك تناظرين الأمير أعزه اللَّه بحضرة أمير المؤمنين أطال اللَّه بقاءه، فأخفضي عليك. فقال له المأمون: دعها يا أحمد، فإن الحق أنطقها، و الباطل أخرسه. فلم تزل تناظره حتى حكم لها المأمون عليه، و أمر بردّ ضيعتها، و أمر ابن أبي خالد أن يدفع لها عشرة آلاف درهم.
و روى الصولي: أنه رفع إلى المأمون أن خادمه رشد الأسود يسرق طساسه و أبا ريقه، و كان على وضوئه، فعاتبه في ذلك فقال: رزقي يقصر عني، فأضعفه له. ثم فقد بعد ذلك طستا و إبريقا، فقال: بعني ويحك الشيء إذا أخذته. قال: فاشتر مني هذا الطست و هذا الإبريق. قال: بكم؟ قال: بخمسة دنانير. فقال: ادفعوا له خمسة دنانير.
فقال له رشد: بقي و اللَّه هذان ما بقي الزمان، فقال له المأمون: قد رأيت المعاملة، فكل من تعلم أنه يسرق مني شيئا فقل له يبيعنيه.
و قال المأمون: أنا و اللَّه أستلذ العفو حتى أخاف أن لا أؤجر عليه، و لو علم الناس مقدار محبتي للعفو لتقربوا إليّ بالذنوب.
و قال المأمون: أنا و اللَّه أستلذ العفو حتى أخاف أن لا أؤجر عليه، و لو علم الناس مقدار محبتي للعفو لتقربوا إليّ بالذنوب.
و في هذه السنة: كتب المأمون إلى هرثمة يأمره بالشخوص إلى خراسان [2].
[1] «ففعل، فتناظرا ساعة حتى علا صوتهما عليه». ساقطة من ت.