سأبكيك ما فاضت دموعي فإن تغص * * * فحسبك مني ما تجن الجوانح [ (1
كأن لم يمت حي سواك و لم تقم * * * على أحد إلا عليك النوائح
/ ثم التفت إليّ فقال: هيه. قال أحمد: فتمثلت بقول عبدة بن الطيب:
عليك سلام اللَّه قيس بن عاصم * * * و رحمته ما شاء أن يترحما
تحية من أوليته منك نعمة * * * إذا زار عن سخط بلادك سلما
فما كان قيس هلكه هلك واحد * * * و لكنه بنيان قوم تهدما
فبكى ساعة ثم التفت إلى عمرو بن مسعدة.
فقال: هيه يا عمر. فقال:
بكّوا حذيفة لن تبكّوا مثله * * * حتى تعود قبائل لم تخلق
قال: فإذا عريب و جوار معها، فسمعن ما يدور بيننا. فقالت: اجعلوا لي معكم في القول نصيبا فقال المأمون: قولي: فقالت:
كذا فليجل الخطب و ليفدح الأمر * * * فليس لعين لم يفض ماؤها عذر
كأن بني العباس يوم وفاته * * * نجوم سماء خر من بينها البدر
فبكى المأمون و بكينا، ثم قال المأمون: نوحي به. فناحت، و ردّ عليها الجواري، فبكى المأمون حتى كادت [2] نفسه تذهب [3].
و كان سبب موته: أنه خرج إلى الصيد فوقع عن دابته فلم يسلم دماغه، فكان يصرع في اليوم مرات، فكان سبب موته.
و في رواية: أنه رأى هلال رمضان فقال:
دعاني شهر الصوم لا كان من شهر * * * و لا صمت شهرا بعده آخر الدهر
فلو كان يعديني الإمام بقدره * * * على الشهر لاستعديت جهدي على الشهر
[1] في ت: «فحسبك ما مكن الجوانح».
[2] في ت: «حتى قلت: قد حان».
[3] «تذهب» ساقطة من ت.