نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 10 صفحه : 152
إخوانك و جيرانك [1] يريد الحج، ترضاه يرافقني؟ قلت: نعم، فذهبت به إلى رجل من الحي، له صلاح و دين، فجمعت بينهما و تواطئا على المرافقة [2]. ثم انطلق بهيم إلى أهله، فلما كان بعد، أتاني الرجل فقال: يا هذا، أحب أن تزوي عني صاحبك و يطلب رفيقا غيري. فقلت: ويحك، و لم؟ [3] فو اللَّه ما أعلم بالكوفة [4] له نظير في حسن الخلق و الاحتمال. و لقد ركبت معه البحر فلم أر إلا خيرا. فقال: ويحك، حدّثت أنه طويل البكاء، و لا يكاد يفتر، فهذا ينغّص علينا العيش [في] [5] سفرنا كله. قال: قلت:
ويحك، إنما يكون البكاء أحيانا عند التذكرة، يرق القلب فيبكي الرجل، أو ما تبكي أنت أحيانا؟ قال: بلى، و لكن [قد] [6] بلغني عنه أمر عظيم جدا من كثرة بكائه. قال:
قلت: اصحبه فلعلك أن تنتفع به. قال: أستخير اللَّه فلما كان اليوم الّذي أرادا أن يخرجا فيه جيء بالإبل، و وطئ لهما، فجلس بهيم في ظل حائط، فوضع يده تحت لحيته، و جعلت دموعه تسيل على خديه، ثم على لحيته، ثم على صدره، حتى و اللَّه رأيت دموعه [على] [7] الأرض. قال: يقول لي صاحبي: يا مخول، قد ابتدأ صاحبك، ليس هذا لي برفيق. قال: قلت: أرفق، فلعله ذكر عياله و مفارقته إياهم فرقّ. فسمعنا بهيم فقال: و اللَّه يا أخي [8] ما هو ذاك، و لكنى ذكرت [9] بها الرحلة/ إلى الآخرة. قال: و علا صوته بالنحيب. قال: يقول لي صاحبي، و اللَّه ما هي بأول عداوتك لي و بغضك إياي، أنا ما لي و لبهيم، و إنما كان ينبغي أن ترافق بين بهيم و بين داود الطائي و سلّام أبي الأحوص، حتى يبكي بعضهم إلى بعض، يشفون أو يموتون جميعا قال: فلم أزل أرفق به. قلت: ويحك، لعلها خير سفرة سافرتها.