responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 10  صفحه : 10

إسماعيل بن أبي فديك قال: كان عندنا رجل يكنى أبا نصر من جهينة، ذاهب العقل/، في غير ما الناس فيه، لا يتكلم حتى يكلّم، و كان يجلس مع أهل الصفة في آخر مسجد رسول اللَّه ( صلّى اللَّه عليه و سلّم )، و كان إذا سئل عن شي‌ء أجاب فيه جوابا حسنا مغربا، فأتيته يوما و هو في مؤخر المسجد مع أهل الصفة، منكسا رأسه، واضعا جبهته بين ركبتيه، فجلست إلى جنبه، فحركته فانتبه فزعا، فأعطيته شيئا كان معي، فأخذه فقال: قد صادف منا حاجة، فقلت له: يا أبا نصر، ما الشرف؟ قال: حمل ما ناب العشيرة، أدناها و أقصاها، و القبول من محسنها، و التجاوز عن مسيئها. قلت له: فما السخاء؟ قال:

جهد مقل. قلت: فما البخل؟ قال: أف، و حوّل وجهه عني. قلت: تجيبني؟ قال:

أجبتك.

و قدم علينا هارون الرشيد فأخلي له المسجد، فوقف على قبر رسول اللَّه ( صلّى اللَّه عليه و سلّم ) و على منبره، و في موقف جبريل (عليه السلام)، و اعتنق أسطوانة النبوة، ثم قال: قفوا بي على أهل الصفة. فلما أتاهم حرّك أبو نصر و قيل: هو أمير المؤمنين. فرفع رأسه و قال:

أيها الرجل، إنه ليس بين عباد اللَّه و أمة نبيّه و رعيتك و بين اللَّه خلق غيرك، و إن اللَّه سائلك عنهم، فأعدّ للمسألة جوابا، و قد قال عمر بن الخطاب: لو ضاعت سخلة على شاطئ الفرات لخاف عمر أن يسأله اللَّه عنها. فبكى هارون و قال: يا أبا نصر، إن رعيتي غير رعية عمر، و دهري غير دهر عمر. فقال له: هذا و اللَّه غير مغن عنك، فانظر لنفسك، فإنك و عمر تسألان عما خولكما اللَّه. فدعى هارون بصرّة فيها ثلاثمائة/ دينار، فقال: ادفعوها إلى أبي نصر، فقال أبو نصر: ما أنا إلا رجل من أهل الصفة، فادفعوها إلى فلان يفرقها عليهم و يجعلني كرجل منهم.

و كان أبو نصر يخرج كل يوم جمعة صلاة الغداة، فيدخل السوق مما يلي الثنية، فلا يزال يقف على مربعة مربعة و يقول: أيها الناس، اتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا و لا يقبل منها عدل و لا تنفعها شفاعة، إن العبد إذا مات صحبه أهله و ماله و عمله، فإذا وضع في قبره رجع أهله و ماله و بقي عمله، فاختاروا لأنفسكم ما يؤنسكم في قبوركم رحمكم اللَّه. فلا يزال يعمل ذلك في مربعة مربعة حتى يأتي مصلى رسول اللَّه ( صلّى اللَّه عليه و سلّم )، ثم يصلي الجمعة، فلا يخرج من المسجد حتى يصلي العشاء الآخرة.

نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 10  صفحه : 10
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست